باب القول في الاستنجاء
باب القول في الاستنجاء
  يستحب لمن قصد الغائط أو البول ألا يكشف عورته حتى يهوي للجلوس، وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
  وهذا قد نص عليه في أول الأحكام(١).
  والوجه في ذلك أن كشف العورة من غير ضرورة محرم في الملأ، ومكروه في الخلاء، فاستحب ألا يكشف عورته إلا عند الضرورة، وهو بعد أن يهوي للجلوس؛ ليكون قد سلم مما حرم أو كره.
  وهذا يدل على أنه يكره البول قائماً؛ لأنه إذا منع من كشف العورة إلا بعد أن يهوي للجلوس فقد تضمن ذلك المنع من البول قائماً.
  وأخبرنا أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا علي بن داود بن نصر، قال: حدثنا محمد بن عبدالعزيز، قال: حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أنس، أنه قال: كان رسول الله ÷ إذا دخل الخلاء لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض.
  فقد صح بهذا الخبر ووضح ما اختاره الهادي #.
  فأما التعوذ: فلما روي عن النبي ÷ فيما رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن هُشَيْم بن بَشِير(٢)، عن عبدالعزيز بن صهيب، عن أنس، قال: كان رسول الله ÷ إذا دخل الخلاء قال: «أعوذ بالله من الخُبُث والخَبَائث(٣)»(٤).
  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن عَبَدَة بن سليمان، عن ابن أبي عَرُوبَة، عن
(١) الأحكام (١/ ٥٧).
(٢) هشيم - بالتصغير - ابن بشير بوزن عظيم. (تقريب).
(٣) الخبث بضم الباء: جمع الخبيث، والخبائث: جمع الخبيثة، يريد ذكور الشياطين وإناثهم. وقيل: هو الخبث بسكون الباء، وهو خلاف طيّب الفعل من فجور وغيره، والخبائث يريد بها الأفعال المذمومة والخصال الرديئة. (نهاية).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١١).