شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في استهلاك المغصوب

صفحة 458 - الجزء 4

  وقال⁣(⁣١) الشافعي: صاحب النوى أولى بما نبت، وصاحب البيض أولى بالفراخ. وبه قال الناصر.

  والأصل فيما ذهب إليه أصحابنا: حديث عاصم بن كليب يرفعه إلى النبي ÷ أنه زار قوماً من الأنصار فذبحوا له شاةً وصنعوا له طعاماً، فأخذ من اللحم شيئاً ليأكله، فمضغه ساعة لا يسيغه، فقال: «ما شأن هذا اللحم؟» فقالوا: شاة لفلان [ذبحناها] حتى يجيء فنرضيه من ثمنها، فقال ÷: «أطعموها الأسرى».

  [فدل⁣(⁣٢) ذلك على أن الغاصب للشاة حين ذبحها وصنع منها طعاماً ملكها بالاستهلاك، لولا ذلك لأمر النبي ÷ بردها على مالكها، فلما لم يأمر بذلك وأمر بأن يطعم⁣(⁣٣) الأسرى]⁣(⁣٤) دل على انقطاع حقه عنها باستهلاك المغتصب لها، فصار ذلك أصلاً لكل عين أبطل الغاصب أكثر منافعها حتى زال عنها اسمها المطلق في أنه يصير⁣(⁣٥) ملكاً للغاصب، ويضمن هو للمغتصب منه قيمته، فعلى هذا قلنا في النوى إذا زرع ونبت: إنه صار للزراع⁣(⁣٦)؛ لأنه لما صار إلى هذه الحال زال أكثر منافعه. وكذلك البيض إذا حضنت⁣(⁣٧) وخرجت فراخ ملكها؛ لزوال أكثر منافعها؛ قياساً على الشاة التي ذبحت فصنعت طعاماً.

  وهذه المسألة ليست تقوى في نفسي؛ لأنها لا أصل لها إلا هذا الخبر، وهو يحتمل أن يكون ÷ ضمنهم إياها وأمرهم أن يطعموها الأسرى لغيبة


(١) في (ب، د): «قال» بدون واو.

(٢) في (أ، ج): ويدل.

(٣) في (د): يطعموا.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).

(٥) كذا في المخطوطات.

(٦) في (أ، ب، ج، هـ): للزارع.

(٧) في (د): احتضنت وخرج.