باب القول في استهلاك المغصوب
  وقال(١) الشافعي: صاحب النوى أولى بما نبت، وصاحب البيض أولى بالفراخ. وبه قال الناصر.
  والأصل فيما ذهب إليه أصحابنا: حديث عاصم بن كليب يرفعه إلى النبي ÷ أنه زار قوماً من الأنصار فذبحوا له شاةً وصنعوا له طعاماً، فأخذ من اللحم شيئاً ليأكله، فمضغه ساعة لا يسيغه، فقال: «ما شأن هذا اللحم؟» فقالوا: شاة لفلان [ذبحناها] حتى يجيء فنرضيه من ثمنها، فقال ÷: «أطعموها الأسرى».
  [فدل(٢) ذلك على أن الغاصب للشاة حين ذبحها وصنع منها طعاماً ملكها بالاستهلاك، لولا ذلك لأمر النبي ÷ بردها على مالكها، فلما لم يأمر بذلك وأمر بأن يطعم(٣) الأسرى](٤) دل على انقطاع حقه عنها باستهلاك المغتصب لها، فصار ذلك أصلاً لكل عين أبطل الغاصب أكثر منافعها حتى زال عنها اسمها المطلق في أنه يصير(٥) ملكاً للغاصب، ويضمن هو للمغتصب منه قيمته، فعلى هذا قلنا في النوى إذا زرع ونبت: إنه صار للزراع(٦)؛ لأنه لما صار إلى هذه الحال زال أكثر منافعه. وكذلك البيض إذا حضنت(٧) وخرجت فراخ ملكها؛ لزوال أكثر منافعها؛ قياساً على الشاة التي ذبحت فصنعت طعاماً.
  وهذه المسألة ليست تقوى في نفسي؛ لأنها لا أصل لها إلا هذا الخبر، وهو يحتمل أن يكون ÷ ضمنهم إياها وأمرهم أن يطعموها الأسرى لغيبة
(١) في (ب، د): «قال» بدون واو.
(٢) في (أ، ج): ويدل.
(٣) في (د): يطعموا.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) كذا في المخطوطات.
(٦) في (أ، ب، ج، هـ): للزارع.
(٧) في (د): احتضنت وخرج.