شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في استهلاك المغصوب

صفحة 459 - الجزء 4

  صاحبها؛ إذ في الخبر ما يدل على ذلك، فخشي أن تفسد عليهم، وللحاكم أن يبيع على الغائب ما يخشى فساده، فإذا احتمل ما ذكرناه واحتمل أن يكون فعل ÷ لانقطاع حقه لم يجب صرفه إلى ما صرفه إليه دون غيره مما يحتمله، ثم الأصول تشهد أن صاحب الملك أولى بملكه، والظواهر تنطق به، والله أعلم.

  فأما إذا اغتصب النوى وأصلحه للعلف فإن صاحبه يأخذه؛ لأنه لم يذهب من منافعه إلا الزرع، فلا يمكن أن يقال: إن أكثر منافعه قد زال، ولأن اسمه لم يتغير، فلم يكن ذلك استهلاكاً؛ ولذلك قال أصحابنا: إن صاحبه يأخذه.

  نص في الأحكام⁣(⁣١) أن قيمتهما هي قيمتهما يوم اغتصبهما.

  قال: وكذلك إن اغتصب شعراً أو قطناً فنسجهما كان ذلك استهلاكاً، ولم يكن لصاحبه إلا قيمته⁣(⁣٢).

  وهذا وجهه ما تقدم من أن أكثر منافعه قد زال بالنسج وزال اسمه فصار مستهلكاً، ثم لا فصل بين هذا وبين البيض إذا صار فراخاً والنوى إذا نبت في يد الغاصب؛ لأن أحداً لم يفرق بينهما.

مسألة: [في ضمان ما غصبه المملوك أو الصبي فاستهلكاه]

  قال: وإذا اغتصب عبدٌ مالاً ثم استهلكه لزم سيده، فإن شاء سلم العبد، وإن شاء سلم ما استهلكه⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن سيد العبد مخير في جناية العبد إذا لم يكن فيها قصاص بين أن يسلمه بجنايته وبين أن يلتزم بما وجب عليه بجنايته.


(١) الأحكام (٢/ ١٠٩).

(٢) الأحكام (٢/ ١٠٩) والمنتخب (٤٨٩).

(٣) المنتخب (٤٨٧، ٤٨٨) لكن فيه ما معناه: أنه إن شاء سلمه وإن شاء ضمن ما استهلكه إن كانت قيمته مثل قيمة العبد أو دونها، فإن كانت أكثر من قيمته لم يلزمه ما زاد على قيمة العبد. وكذا في التحرير (٤١٤)، قال القاضي زيد في شرحه: والصحيح من المذهب على ما ذكره أبو العباس والأخوان ¤ أن مولى العبد إذا لم يختر تسلميه بجنايته فإنه يضمن جميع أرش جنايته.