شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

صفحة 464 - الجزء 4

مسألة: [في أنه يكفي القبول للهبة ولو لم يقبضها الموهوب له]

  قال: وإذا وهب رجل لرجل شيئاً معلوماً جازت الهبة وإن لم يقبضه الموهوب له إذا قبله، فإن لم يقبل بطلت الهبة⁣(⁣١).

  وهذا قول القاسم # والمحكي عن مالك، وكذا القول في الصدقة، وحكى أبو الحسن الكرخي عن ابن أبي ليلى صحة الصدقة وإن لم تكن مقبوضة. وعند عامة العلماء لا يصحان إلا بالقبض.

  ويدل على عدم اشتراط القبض قوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}⁣[المائدة]، وعقد الهبة إذا جرى من جملة العقود؛ فيجب [الوفاء به]⁣(⁣٢).

  ولقوله ÷: «العائد في هبته كالعائد في قيئه»⁣(⁣٣)، ولم يشترط القبض، فاستمر ذلك في المقبوض عليه وغير المقبوض.

  وعن علي #: «الرجل أولى بهبته ما لم يُثَب منها)⁣(⁣٤) ولم يشترط القبض.

  والأخبار الواردة في العمرى⁣(⁣٥) عن النبي ÷ وعن علي # ليس فيها ذكر القبض، فكل ذلك دال على صحة الهبة وإن لم يجر فيها القبض.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «ما لك من مالِك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت»⁣(⁣٦) فلم يتمم⁣(⁣٧) الصدقة إلا بالإمضاء، وهو الإقباض والتسليم.

  قيل له: ليس الإمضاء من الإقباض في شيء؛ لأن الإمضاء هو ألا يتعقبه


(١) الأحكام (٢/ ١٤١، ١٤٣).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).

(٣) أخرجه البخاري (٣/ ١٦٤) ومسلم (٣/ ١٢٤١).

(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٤٢٠) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٨٢).

(٥) في المخطوطات: العموم. وما أثبتناه الصواب كما ذكر معناه في شرح القاضي زيد.

(٦) أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٧٣) والترمذي (٤/ ١٥١).

(٧) في (د، هـ): يتم. وفي (ب): تتم.