شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

صفحة 468 - الجزء 4

  النبي ÷ أنه نهى عن الوصية بأكثر من الثلث وقال: «والثلث كثير، ولأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس».

  فنهى عن إخراج ما زاد على الثلث لئلا يلحق الورثة ضرر وسوء حال، ولا فصل بين أن يذهب المال في حياة الإنسان أو بعد وفاته فيما يلحق الورثة من الضرر وسوء الحال. وأيضاً قصرت الوصية على الثلث لحق الورثة؛ بدلالة أن من لا وارث له تنفذ وصيته في جميع المال، فيجب أن تكون الهبة كذلك لحق الورثة.

  وهذا القول يضعف؛ لأن المسلمين أجمعوا على أن المرء أولى بجميع ماله في حال صحته، وكثير من الصالحين آثروا التخلي من أموالهم فلم ينكره منكر، ولأن في هذه الرواية أيضاً إجازة هبة جميع ما يملك ولكن على التدريج، وذلك واحد فيما يلحق الورثة.

  قال: فإن وهب ثلث ماله وسلمه إلى الموهوب كان له بعد ذلك أن يهب الثلث مما بقي.

  وعلى هذا القول يجب أن يكون القول في الباقي بعد ذلك كالقول فيما مضى حتى لا يبقى شيء من المال، فيعود الأمر إلى أن يكون الجميع موهوباً، فبان أن حكم الهبة ليس⁣(⁣١) حكم الوصية.

  قال أيضاً في المنتخب: وإن وهب أكثر من الثلث كان له أن يرجع فيه⁣(⁣٢)، فإن لم يرجع حتى هلك هو كان [لورثته أن يرجعوا فيه، إلا أن يكون وهب ما وهب على عوض فليس للواهب ولا]⁣(⁣٣) لورثته على الموهوب له إلا العوض.

  وجه ما ذكر في الرجوع هو ما مضى، فإذا كانت على العوض فيجب أن تصح الهبة؛ لأن الهبة على العوض كالبيع على ما سيجيء القول فيه.


(١) «ليس» ساقط من (أ، ج، هـ).

(٢) في (أ، ج): عنه. وفي نسخة في (ج): فيه.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).