شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في رجوع الواهب في هبته

صفحة 482 - الجزء 4

مسألة: [في اشتراط قبول الموهوب له الهبة والصدقة]

  قال: وكل من وهب شيئاً فلم يقبله الموهوب له كانت الهبة فاسدة وجاز للواهب الرجوع فيه، وكذلك الصدقة⁣(⁣١).

  قد بينا فيما سلف أن عقد الهبة يفتقر إلى الإيجاب والقبول كالبيع، ودللنا على صحته بما لا فائدة في إعادته، فكذلك الصدقة. ولا يمتنع أن يكون القبض يجري مجرى القبول خصوصاً في الصدقة؛ فإن العرف بين المسلمين جارٍ بذلك، والتعامل به دائم.

  قال: وما تصدق به على الصغير انتظر بلوغه، فإن قبل بعد البلوغ جاز، وإن لم يقبله لم يكن له⁣(⁣٢).

  وهذا يجب أن يكون المراد به إذا قبل عنه من ليس بولي [له]؛ لأنه إذا لم يكن قابل⁣(⁣٣) أصلاً لم تقف الهبة أصلاً؛ لأن العقد⁣(⁣٤) لا يقف كما نقول ذلك في البيع والنكاح، فإذا قبله انعقدت ووقفت، وتكون باقية على ملك الواهب إلى أن يبلغ الصغير فيجوز⁣(⁣٥) القبول، هذا معنى قوله: يقبله، أو يفسخه فتبطل الهبة. فإن قبل [عنه] وليه جاز قبوله عليه، وذلك كما يجوز قبول سائر العقود عنه كالبيع والإجارة.

مسألة: [في موت الموهوب له وعدم جواز الرجوع في الصدقة]

  قال: ومن وهب شيئاً لا يجوز للواهب الرجوع فيه ثم مات الموهوب له كان لورثته، ولم يرجع الواهب ولا ورثته على ورثة الموهوب له⁣(⁣٦).


(١) الأحكام (٢/ ١٤٣).

(٢) الأحكام (٢/ ١٤٣).

(٣) في (ب، د، هـ): قابلاً. وفي شرح القاضي زيد: لأنه إذا لم يكن قبله أحد لم تقف ... إلخ.

(٤) في شرح القاضي زيد: لأن نصف العقد.

(٥) كذا في المخطوطات، ولعلها: فيجيز.

(٦) الأحكام (٢/ ١٤١، ١٤٢).