كتاب الهبات والصدقات
  جائزة لمن وهبت له»(١).
  فإن قيل: روي عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله ÷ قضى في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة نخل فماتت فقال ابنها: أعطيتها حياتها، فقال: «هي لها حياتها وموتها»، قال: فإني كنت تصدقت بها عليها، قال: «فذاك أبعد لك»(٢) فأبطل ÷ الشرط.
  قيل له: يجوز أن يكون أبطل الشرط لأن الابن حاول إثباته بمجرد الدعوى، وكان الظاهر أنه أعطى عطاء مطلقاً؛ ليكون ذلك موافقاً لقوله المشهور ÷: «المسلمون عند شروطهم».
  على أنا لا نمتنع أن نقول(٣): الهبة إذا لم تكن بلفظ العمرى لم يثبت شرط التوقيت فيها. على أن من قول أبي حنيفة: إن الرجل إذا قال: «داري لك عمرى عارية أو سكنى» كان ذلك عارية، فنقيس عليه قوله: لك عمرى لوقت كذا، والعلة أنه لم يتمم العمرى، بل عدل بها إلى(٤) صفة الهبة.
  قال: ويكره إن كانت العمرى جارية أو الرقبى أن يطأها المعمر أو المرقب حتى يثبت(٥) ويتيقن أن ذلك غير مؤقت(٦).
  وذلك لما بينا أنهما مع التوقيت يكونان عارية، فيكره الإقدام على الوطء مع الشبهة حتى يحصل اليقين.
(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٢٤٦) والنسائي (٦/ ٢٧٧) بلفظ: العمرى لمن وهبت له.
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٥٠١، ٥٠٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١٥).
(٣) في (أ، ج): لا نمنع أن تكون. وفي (هـ): لا نمتنع أن تكون.
(٤) ظنن في (ب، د) بـ: عن.
(٥) في (د): يتثبت.
(٦) المنتخب (٥٤٨).