شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوقف

صفحة 496 - الجزء 4

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن الكلام تم عند قوله: «لا نورث» وما بعده ابتداء وخبره؟

  قيل له: هذا يكون مجازاً؛ لأن الحر لا يورث على ما بيناه، وقوله ÷ محمول على الحقيقة لا على المجاز. على أن هذا التأويل ينافي قول الله ø: {وَوَرِثَ سُلَيْمَٰنُ دَاوُۥدَ}⁣[النمل: ١٦]، وقوله حاكياً عن زكرياء: {يَرِثُنِے وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَۖ}⁣[مريم: ٥]، وقوله: {۞يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِے أَوْلَٰدِكُمْۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اِ۬لْأُنثَيَيْنِۖ}⁣[النساء: ١١]، فصار ما تأولناه هو الصحيح.

  وقد اشتهر أن علياً #(⁣١) وقف من ماله بينبع ووادي القرى وغيرهما، ورواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عن علي $ أنه تصدق بها وكتب كتاباً فيه، واشترط فيه لا يباع ولا يوهب، ولا يورث أنا حي أو ميت، إلى آخر ما ذكره⁣(⁣٢).

  وروى ابن عمر أن عمر أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي ÷ فقال: إني أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أحسن منها، فكيف تأمرني؟ قال ÷: «إن شئت حبست أصلها لا يباع ولا يوهب» قال الراوي - وهو أبو عاصم -: وأراه قال: «ولا يورث» قال: فتصدق بها في الفقراء والقربى إلى آخر الحديث⁣(⁣٣).

  وعن ابن عمر أن عمر استشار رسول الله ÷ بمال له ذكر موضعه، فقال ÷: «تصدق به، تقسم ثمره، وتحبس أصله لا يباع ولا يوهب»⁣(⁣٤).

  وروي أن عثمان اشترى بئراً ووقفها على جميع المسلمين، وجعل دلوه فيها


(١) في (ب، د، هـ): أن النبي ÷. وظنن في هامشها بـ: علي # كما في شرح القاضي زيد.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٥٣).

(٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٩٥) وأخرج نحوه البخاري (٣/ ١٩٣) ومسلم (٣/ ١٢٥٥).

(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٣٣١) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٩٥).