كتاب الهبات والصدقات
  كبعض دلاء المسلمين(١).
  وعن عبدالرحمن بن عوف أنه وقف.
  فصار إنكار الوقف إنكاراً لأمر مشتهر لا يخفى على من نظر في الروايات.
  فإن قيل: روي عن شريح أنه قال: جاء محمد بمنع الحبس(٢).
  [قيل له: المراد بذلك حبس الجاهلية من السائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك.
  فإن قيل: هو على العموم، ويدخل ما ذكرتم وما اختلفنا فيه](٣).
  قيل له: ما قدمناه من الأدلة يخرج ما اختلفنا فيه من عمومه؛ لأنه لا يجوز أن يرفع النبي ÷ الحبس ثم يقول لعمر: «حبِّسِ الأصل لا يباع ولا يوهب»؛ لأن ذلك يتناقض، فصح ما ذكرناه من التخصيص، وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس: لا حبس بعد سورة النساء(٤).
  فإن قيل: روي أن عبدالله بن زيد الأنصاري جعل حائطاً له صدقةً وجعله إلى رسول الله ÷، فأتى أبواه النبي ÷ فجعله(٥) لهما ثم ماتا فورثهما(٦).
  قيل له: يجوز أن يكون النبي ÷ جعل غلتها لأبويه، ثم صرفها بعد ذلك إلى الواقف، وذلك مما يجوز عندنا؛ إذ ليس في الخبر أنه ÷ ملكهما، ولا أنه ملكه بعد أبويه الأصل وأزال حكم الوقف؛ ليكون ذلك موافقاً لسائر ما ذكرناه.
  ويجوز أن يكون معناه أنه جعلها صدقة للفقراء لا على جهة الوقف، بل على
(١) أخرجه الترمذي (٦/ ٦٨) والنسائي (٦/ ٢٣٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٥٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٦٩).
(*) في (هـ): ببيع الحبُس.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٦٨) والدارقطني في السنن (٥/ ١١٩).
(٥) في (أ، ب، ج): فجعلها.
(٦) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٣٥٩).