كتاب الهبات والصدقات
  فإذا وقفه على قوم بأعيانهم أو رجل بعينه فماتوا أو مات فهو لورثة الموقوف عليه مصروفاً إليهم كما نصه في هذه المسألة بقوله: إذا وقفه على أولاده كان وقفاً على ورثة أولاده بعدهم.
  قال أبو يوسف: إذا انقرض أهل الوقف رجعت إلى الله مصروفة في وجوه القرب.
  وقال الشافعي: يرجع إلى أقرب الناس بالذي تصدق به، وفرق ذلك على أقاربه الغني منهم والفقير، قالوا: وقال في موضع آخر: إلى أقرب الناس به من الفقراء، فكأنه على قولين.
  والدليل على صحة ما ذهب إليه يحيى بن الحسين #: حديث عبدالله بن زيد: أن رسول الله ÷ لما جعل صدقته لأبويه وماتا وخلفاه صرفها إليه. وفي بعض الأحاديث: أنهما(١) لما ماتا قال عبدالله: مات أبواي فهي حل لي؟ فقال رسول الله ÷: «نعم، فكلها هنيئاً»(٢).
  فدل ذلك على أن عبدالله كان يعرف الحكم في ذلك، فقال له ÷: «نعم فكلها».
  وأيضاً وجدنا حقوق الأموال وما يتعلق بها إذا مات أربابها وجب صرفها إلى ورثتهم، فكذلك ما اختلفنا فيه؛ لأنه من حقوق الأموال.
  فأما إذا لم يكن ورثة فسيجيء القول فيه.
  فإن قيل فيما مضى(٣): إذا كان أصل الوقف هو القربة فالأولى أن يصرف إلى وجوه القرب.
  قيل له: والإحسان إلى ذوي الأرحام من جملة القرب، وهم أخص، فوجب أن يصرف إليهم، ويؤكد ذلك بقوله تعالى: {وَأُوْلُواْ اُ۬لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَيٰ بِبَعْضٖ}[الأنفال: ٨٦].
(١) «أنهما» ساقط من (أ، ج، هـ).
(٢) أخرجه الدارقطني (٥/ ٣٥٩، ٣٦٠) بلفظ: أفحلال هي لي؟
(٣) في (ب): فما معنى.