شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوقف

صفحة 502 - الجزء 4

  ÷ فعرفه⁣(⁣١) فقال له: «إن شئت حبست أصلها لا يباع ولا يوهب» ولم يذكر له المصرف، فلولا أن الوقف يصح من دون ذكر المصرف لعرفه النبي ÷ ولم يقتصر به على قوله: «إن شئت حبست أصلها».

  وكذا الحديث الآخر الذي قال له فيه: «تصدق به، تقسم ثمره، وتحبس أصله لا يباع ولا يوهب» فيه وجهان من الدلالة:

  أحدهما: أنه قال له: «تصدق به» ولم يقل على من⁣(⁣٢)، فلولا أنه يصير وقفاً بقوله: تصدقت به لم يقتصر عليه حتى يقول: على كذا وكذا.

  والوجه الثاني: أنه قال: «تقسم ثمره وتحبس أصله» ولم يقل: تقسم الثمر في باب يدوم، وإنما أشار إلى قسمة الثمر وتحبيس الأصل، فدل ذلك على ما قلناه.

  وأيضاً يخرج العبد عن ملكه بقوله: أعتقتك، فكذلك يجب أن يخرج من ملكه بقوله: وقفت؛ لأن كل واحد منهما إخراج لملكه لا إلى مالك قربة إلى الله ø، فإذا ثبت ذلك ثبت أن الوقف يصح إذا وقفه على رجل بعينه.

  ويدل على ذلك ما روي: أن عبدالله بن زيد الأنصاري جعل حائطاً له صدقة وجعله إلى رسول الله ÷، فجعله رسول الله لأبويه، ثم جعله له بعد ذلك، فدل ذلك على ما قلناه: إنه يصير صدقة وإن لم يذكر المصرف، وأن ذكره بعد ذلك جائز.

  قال ابن أبي هريرة: إذا قال: «تصدقت بداري هذه» ولم يسبلها على قوم على وجهين⁣(⁣٣): أحدهما: باطل. والثاني: جائز، ويكون وقفاً على أقرب الناس بالمحبس⁣(⁣٤). قال ابن سريج: يرجع لورثة الواقف.


(١) في (أ، ج): يعرفه.

(٢) في (أ، ج): على من قال.

(٣) ولفظ الحاوي للماوردي (٧/ ٥٢٠): فلو قال: وقفت هذه الدار ولم يزد على هذا ففي الوقف وجهان: أحدهما: باطل، وهو الأقيس؛ للجهل باستحقاق المصرف. والوجه الثاني: جائز ... إلخ.

(٤) في (ب): بالحبس. وفي (هـ): بالحبيس.