باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه
  على أنه يعتق كله إذا كان موسراً.
  وروى الطحاوي بإسناده عن نافع عن ابن عمر [قال: قال رسول الله ÷]: «من أعتق شركاً له في مملوك فقد عتق كله، فإن كان للذي أعتقه من المال ما يبلغ ثمنه فعليه عتقه كله»(١) ففي قوله ÷: «عتق كله» ما يدل على أن عتق البعض عتق لسائره، وقوله: «فإن كان له مال فعليه عتقه» يجب أن يكون المراد به ضمان كمال العتق(٢)؛ لأن حصول العتق في الأول قد حصل غير مشروط، فلا بد من أن يكون للفظ الثاني فائدة، وفائدته ما ذكرنا؛ لدلالة سائر الأخبار على ضمان الموسر نصيب شريكه.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ ما رواه ابن عمر: «من أعتق نصيباً له في عبد كلف عتق ما بقي»(٣) وفي لفظ آخر: «كلف أن يتم عتقه»(٤).
  قيل له: يحتمل ذلك كله أن يكون المراد به ضمان العتق كله على ما بيناه قبل هذا.
  فإن قيل: لا خلاف أن الشريكين في عبد لو أعتقاه عتق وكان ولاؤه لهما، فثبت صحة وقوع العتق عن كل واحد منهما في نصيبه، وبان أن العتق يتبعض.
  قيل له: ليس معنى قولنا: إن العتق لا يتبعض أنه لا يقع من كل واحد من الشريكين في نصيبه، وإنما المراد أنه لا يبقى بعضه مملوكاً مع كون بعضه حراً، فلا فائدة لما ذكرتم.
  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «لا عتق فيما لا يملك ابن آدم» فلم يجب أن يعتق نصيب الشريك لعتق أحد الشريكين نصيبه؛ لأنه لا يملك نصيب شريكه.
(١) شرح معاني الآثار (٣/ ١٠٦).
(٢) في (هـ): ضمان المعتق.
(٣) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (٥/ ٣٠) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٧٩).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٨/ ١٦).