شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

صفحة 13 - الجزء 5

  على أنه يعتق كله إذا كان موسراً.

  وروى الطحاوي بإسناده عن نافع عن ابن عمر [قال: قال رسول الله ÷]: «من أعتق شركاً له في مملوك فقد عتق كله، فإن كان للذي أعتقه من المال ما يبلغ ثمنه فعليه عتقه كله»⁣(⁣١) ففي قوله ÷: «عتق كله» ما يدل على أن عتق البعض عتق لسائره، وقوله: «فإن كان له مال فعليه عتقه» يجب أن يكون المراد به ضمان كمال العتق⁣(⁣٢)؛ لأن حصول العتق في الأول قد حصل غير مشروط، فلا بد من أن يكون للفظ الثاني فائدة، وفائدته ما ذكرنا؛ لدلالة سائر الأخبار على ضمان الموسر نصيب شريكه.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ ما رواه ابن عمر: «من أعتق نصيباً له في عبد كلف عتق ما بقي»⁣(⁣٣) وفي لفظ آخر: «كلف أن يتم عتقه»⁣(⁣٤).

  قيل له: يحتمل ذلك كله أن يكون المراد به ضمان العتق كله على ما بيناه قبل هذا.

  فإن قيل: لا خلاف أن الشريكين في عبد لو أعتقاه عتق وكان ولاؤه لهما، فثبت صحة وقوع العتق عن كل واحد منهما في نصيبه، وبان أن العتق يتبعض.

  قيل له: ليس معنى قولنا: إن العتق لا يتبعض أنه لا يقع من كل واحد من الشريكين في نصيبه، وإنما المراد أنه لا يبقى بعضه مملوكاً مع كون بعضه حراً، فلا فائدة لما ذكرتم.

  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «لا عتق فيما لا يملك ابن آدم» فلم يجب أن يعتق نصيب الشريك لعتق أحد الشريكين نصيبه؛ لأنه لا يملك نصيب شريكه.


(١) شرح معاني الآثار (٣/ ١٠٦).

(٢) في (هـ): ضمان المعتق.

(٣) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (٥/ ٣٠) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٧٩).

(٤) أخرجه أحمد في المسند (٨/ ١٦).