شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

صفحة 29 - الجزء 5

  وذلك كأن يجعل ثلثه للفقراء وقال: اجعلوا مملوكي كأحدهم، لا يعتق؛ لأنه لا يستحق من رقبته شيئاً معلوماً، ويجب أن تبطل الوصية أيضاً؛ لأنه لم يسم شيئاً معلوماً⁣(⁣١)، ولا يجوز أن يأخذ بالفقر.

مسألة: [في قول الرجل لعبيده: أثلاثكم أحرار]

  قال: ولو أن رجلاً قال لعبيده: أثلاثكم أحرارٌ، ولا مال له غيرهم - عتقوا، وسعوا له في ثلثي قيمتهم.

  هذا على رواية المنتخب في منع الإنسان في الهبة والقربة مجاوزة الثلث من ماله على ما ذكر، قال بذلك⁣(⁣٢) في صحته أو في مرضه، فأما على رواية الأحكام - وهو الصحيح الذي نأخذ به ونعمل عليه - فللصحيح أن يعمل في ماله ما شاء، فهذا يكون على ما قال إذا قاله⁣(⁣٣) في مرضه الذي مات فيه، وقد نص على ذلك في الأحكام⁣(⁣٤)؛ لأنه قال فيه: إذا قال ذلك في مرضه وإدنافه، ثم جعل السعي فيه للورثة⁣(⁣٥).

  ووجهه: أنه إذا قال ذلك في حال مرضه⁣(⁣٦) كان كالوصية، والوصية لا تصح


(١) قال في شرح القاضي زيد: القول بأن الوصية تبطل من حيث إن حقه من الوصية مجهول فيه نظر؛ لأن الوصية تصح وإن كان حصص الموصى لهم مجهولة؛ لأن الوصية بالمجهول صحيحة، والفرق الصحيح بين هذه المسألة والمسألة التي قبلها هو أن الموصى لهم إذا كانوا مجهولين فإن حقهم لم يتعين في المال، وللورثة أن يخرجوا حقهم من أي جنس شاءوا من الأموال، فإذا كان كذلك فلا يملك العبد جزءاً من نفسه فلا يعتق، وليس كذلك إذا كانوا معروفين فإن حقهم يتعلق بثلث جميع المال على وجه الشياع، فيملك العبد جزءاً من نفسه فيعتق.

(٢) في (ب، د، هـ): ذلك.

(٣) في (أ، ج): على ما قال المريض إذا قاله. وفي (هـ): على ما قال إذا قال ذلك.

(٤) الأحكام (٢/ ٣٤٦).

(٥) لكن في الأحكام بعد ذلك: فإن قال لهم ذلك في صحة من بدنه وجواز من أمره عتقوا عليه كلهم إن كان له مال غيرهم، وإن لم يكن له مال غيرهم سعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته.

(٦) في (أ، ب، ج، د): ووجهه أن ذلك إذا قال في حال مرضه.