شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

صفحة 28 - الجزء 5

  ووجهه: أنه لما أوصى بثلث ماله أو بشيء من ثلث ماله له منفرداً أو مع جماعة بأعيانهم استحق هو من رقبته بمقدار ذلك وملكه فعتق؛ لأنه لا يجوز أن يملك نفسه، بل ملك نفسه يوجب عتقه؛ إذ لا يجوز أن ينتقل إليه الرق الذي يملكه المولى؛ لأنه لو انتقل إليه لقام فيه مقامه، فثبت أن تمليكه إياه نفسه إنما هو عتقه.

  فله ثلاثة أحوال:

  إما أن يكون الذي وقعت فيه الوصية له به مثل قيمته سواء، فإنه يعتق كفافاً لا شيء عليه ولا شيء له سوى عتقه.

  أو تكون قيمته زائدة على ما وقعت الوصية به إليه، فإنه يعتق سائره بعتق بعضه، ووقع العتق في ملك الورثة؛ لأن ما زاد من قيمته على قدر الثلث كان ملكاً للورثة وكان المالك بالموت قد بطلت ذمته فصار بمنزلة من لا مال له، فلزمه أن يسعى للورثة بمقدار ما زاد من قيمته على الموصى له به، بمنزلة الشريك الفقير يعتق نصيبه، فيجب على العبد أن يسعى للشريك الذي لم يعتق بقيمة نصيبه على ما مضى القول فيه.

  أو تكون قيمته دون ما وقعت الوصية له به، فيعتق، ويذهب مقدار قيمته من الوصية، ويستحق ما فضل عن ذلك يدفع إليه؛ لتكون الوصية قد وصلت إليه كملاً، وبه قال: أبو حنيفة وأصحابه، وعلى هذا إن ظهر على الميت دين يحيط بجميع ماله بطلت الوصية، وبقي العبد مملوكاً، ويباع - ولا شيء له - في الدين⁣(⁣١)، وكذلك إن لم يقبل العبد الوصية بطلت الوصية، وبقي هو عبداً.

  قال: وإن أوصى لأقوام لا بأعيانهم وجعل مملوكه كأحدهم في الوصية لم يعتق⁣(⁣٢).


(١) لفظ شرح التحرير نقلاً عن الأخوين: وبقي العبد مملوكاً ولا شيء له، ويباع في الدين.

(٢) المنتخب (٥٤٢).