باب القول في التدبير
  خلاف إجماع المسلمين(١)، ولأن حكم العتق لم يستقر فيه؛ بدلالة أنه لا خلاف في أنه لا يسري إلى الولد؛ وأن سيده لو مات قبل الشرط بيسير أو كثير جاز بيعه(٢)، يدل(٣) على أن البيع يثبت مع الكراهة. وفي أصحابنا من أظنه يحمل هذا على ظاهره، وهو بعيد جداً؛ لما فيه من مخالفة الإجماع، ولأن العتق لم يصر مستحقاً له بقوله قبل الشرط كما يستحقه المدبر على ما بيناه.
مسألة: [في قول الرجل لمملوكه: اخدم أولادي عشر سنين ثم أنت حر]
  قال: ولو أن رجلاً قال لمملوكه: اخدم أولادي عشر سنين، فإذا مضت هذه السنون فأنت حر - وجب عليه أن يخدمهم حيث شاءوا، فإن وهب له بعض الإخوة خدمته خدم الباقين، وحاصهم في كل سنة، فإذا كان بعد عشر سنين عتق(٤).
  وذلك أنه أعتقه بعد عشر سنين، فلا يقع العتق قبل ذلك، كأن يقول له: إذا كان نصف الشهر أو نحوه فأنت حر، فإن العتق لا يقع قبل ذلك الوقت، والخدمة واجبة للأولاد؛ لأنه قد جعل خدمته لهم، فهو جائز بمنزلة العارية، وبعض الأولاد إن ترك نصيبه [من الخدمة](٥) لم يستحقها(٦) الباقون، ولم يكن لهم إلا حصصهم كما كان في الأصل، كمن وهب شيئاً لرجلين فقبل أحدهما ولم يقبل الثاني أن الذي يقبل لا يستحق إلا نصيبه دون نصيب صاحبه، فكذلك ما قلناه.
(١) في ابن أبي الفوارس: قوله قدس الله روحه: إنه إجماع فيه نظر؛ لأن هذا فيه خلاف قد ذكر في اختلاف الفقهاء أظنه عن مالك وابن أبي ليلى أنه لا يجوز بيعه. (من هامش د).
(٢) لفظ شرح القاضي زيد: بينه وبين المدبر فصل من وجهين: أحدهما: أن التدبير يسري إلى الولد، والمعلق عتقه على الشرط لا يسري إلى الولد. والثاني: أن سيد العبد إذا مات قبل وقوع الشرط لم يعتق، والمدبر يعتق حال موت سيده.
(٣) لعلها: فدل.
(٤) الأحكام (٢/ ٣٤٣).
(٥) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٦) في المطبوع: يستحقه.