شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب العتق

صفحة 55 - الجزء 5

  قيل له: هذا لا معنى له؛ ألا ترى أن الراهن إذا مات لم يبرأ ورثته بقضاء بعض الدين براءة يستحق معها فك الرهن، وكذلك الراهن نفسه؛ لتعلق الرهن بجميع الدين، وكذلك المشتري لا يبرأ بأداء بعض الثمن براءة يستحق معها قبض المبيع؛ لتعلق المبيع بجميع الثمن؟ فكذلك العتق، وهذا لا يوجب ألا يكون مال الكتابة ديناً.

  فإن قيل: لو كان ديناً لم يصح إسقاطه بالعجز.

  قيل له: لا يمتنع ذلك، كما أن المشتري إذا كان له خيار الثلاث فإنه يمكنه إسقاط ثمن المبيع باختيار الفسخ، وكذلك من له خيار الرؤية عندنا، وهذا لا يمنع من أن يكون الثمن ديناً عليه. وكذلك الزوج يسقط بالطلاق نصف المهر للتي لم يدخل بها.

  وإذا ثبت أنه دين فيجب ألا يسقط بالموت، وإنما يسقط بالعجز مع الموت، ويدل على ذلك أن عتق المكاتب معلق بأداء المال من غير اعتبار المؤدي، ألا ترى أنه لو وكل بالأداء غيره صح، وكذلك لو أدى عنه غيره؟ وإذا صح ذلك وجب أن يقع العتق متى وقع الأداء سواء أداه المكاتب أو أداه عنه غيره، في حياته أو بعد وفاته.

  فإن قيل: صح الأداء عنه في حياته لصحة تعلق العتق به، والميت لا يصح أن يتعلق العتق به.

  قيل له: يصح أن تجري عليه أحكام العتق بعد الموت، وليس العتق سوى الأحكام.

  فإن قيل: كيف يصير عتيقاً بعد الموت؟

  قيل له: كما يصير مولاه معتقاً بعد الموت؛ لأنه لا خلاف أن مولاه لو مات قبل استيفاء الكتابة ثم استوفاها الورثة أن المكاتب يعتق، ويكون المولى هو المعتق في الحكم. ويدل على ذلك أن الكتابة عقد معاوضة لا يبطله موت أحد المتعاقدين،