شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 58 - الجزء 5

  التصرف بالبيع أعظم من التصرف بغيره⁣(⁣١)؛ ولأن مولاه استحق عليه عوض نفسه، فلا يجوز أن يستحق نفسه مع استحقاق العوض.

  فإن قيل: روي أن بريرة كانت مكاتبة لقوم وأن عائشة اشترتها⁣(⁣٢).

  قيل له: قد روي ما يدل على أنها كانت قد عجزت نفسها، وذلك ما روي أنها أتت عائشة تستعين بها على أداء الكتابة، فقالت لها عائشة: إني أصب لهم المال صبة واحدة، فساومي نفسك، فساومت نفسها. وهذا هو الرضا بالعجز، وإذا رضيت بالتعجيز وفسخ مولاها الكتابة فلا خلاف في جواز شرائها إن شاء، إما بما بقي أو أقل من ذلك أو أكثر.

  فأما شراؤه بشرط العتق فهو جائز على مذهب يحيى #، وعنده أن البيع يثبت والشرط يبطل على ما مضى في كتاب البيوع، وحكي عن الشافعي أن جواز البيع مع الشرط على قولين.

  ووجهه: إجازة النبي ÷ ذلك لعائشة.

  قال في الأحكام: وإن اشترط الولاء له كان ذلك له.

  ومعناه أن المشتري إذا اشترط الولاء للبائع كان ذلك للمشتري، روي أن عائشة كانت اشترطت الولاء للبائع فقال النبي ÷: «الولاء لمن أعتق».

مسألة: [في تحريم وطء المكاتب لأمته المكاتبة]

  قال: وليس للمكاتب أن يطأ أمته المكاتبة، فإن وطئها جاهلاً بتحريم الوطء درئ عنه الحد بالشبهة، وللمكاتبة الخيار: إن شاءت أقامت على كتابتها وكان لها على سيدها مهر مثلها، وإن شاءت فسخت مكاتبتها وليس يلزم سيدها لها شيء، ولا فصل بين أن تلد المكاتبة من ذلك الوطء وبين ألا تلد⁣(⁣٣).


(١) في (أ، ب، ج، د): في غيره.

(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٧٣) ومسلم (٢/ ١١٤٢).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٤٠).