شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 59 - الجزء 5

  تحريم وطء المكاتب للمكاتبة قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي، ولا أحفظ فيه خلافاً.

  ووجهه: أنه ممنوع من التصرف فيها، وقد حصلت في يد نفسها بحكم العقد؛ دليله لو باعها، ويشهد له وطء المرهونة: أن⁣(⁣١) الراهن لما منع التصرف فيها حرم عليه وطؤها، والمكاتِب أشد منعاً منه، سيما على قولنا: إنها تصير في حكم الحر⁣(⁣٢) بمقدار ما تؤدي.

  على أن المولى لا يملك شيئاً من منافعها، ومن منافعها البضع، فوجب ألا يملكه. على أن بضعها قد صار في حكم الملك لها؛ بدلالة أنها هي التي تستحق عوضه لوطئها⁣(⁣٣) بشبهة. وأيضاً الوطء يجري مجرى إتلاف جزء منها، فلا سبيل له إليه كما لا سبيل له إلى تناول شيء من أجزائها.

  ودرئ عنه الحد إن كان وطئها جاهلاً بالتحريم للشبهة كما قال؛ لأنه قد اجتمعت شبهتان: شبهة الجهل، وشبهة الملك؛ لأن الملك لم ينقطع بعد.

  ووجه إيجابه مهر المثل إن أقامت على الكتابة: أنه وطء وقع في ملك غير تام فيجب مهر المثل؛ لأن ملك المولى قد تعلق فصار غير تام؛ دليله من وطئ جارية بينه وبين شريكه، وبإيجاب المهر قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه، ولها الخيار على ما قال بين الإقامة على الكتابة مع استحقاق مهر المثل، وبين تعجيز نفسها ليفسخ مولاها كتابتها؛ لأن الوطء لم يوجب الفسخ ولا إتمام العتق، فهي على خيارها، وكذلك إن أولدها فالمسألة بحالها؛ لأن الإيلاد أيضاً لم يوجب فسخاً ولا عتقاً عاجلاً.


(١) في (هـ): لأن.

(٢) في (هـ): الحرة.

(٣) في (أ، ب، ج، د): لو وطئها.