باب القول في الشهادة على العتق
  كان أحدهما معسراً سعى العبد عنه لصاحبه، فإن كان العبد مكذباً له فلا شيء للشاهد، ولا سعاية على العبد.
  قال أبو حنيفة وأصحابه: لا شيء على الشاهد، وفي قول أبي يوسف ومحمد وزفر في المشهود عليه مثل قولنا مع تصديق العبد.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن شهادة أحد الشريكين بمنزلة قوله: إني جعلت نصيبي حراً؛ لأنه لما شهد على صاحبه بالعتق فإن شهادته تضمنت أمرين: أحدهما: الشهادة عليه، والثاني: الإقرار على نصيبه بالعتق الحادث. فجاز إقراره وسقطت شهادته، فكأنه أحدث عتق نصيبه، فوجب أن يضمن نصيب المشهود عليه إن كان موسراً على ما مضى القول فيه في أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه، وإن كان معسراً وجب أن يسعى العبد عنه بنصيب المشهود عليه كما قلنا في الشريك إذا أعتق نصيبه وهو معسر، وإن كان المشهود عليه موسراً فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يقر بحصول العتق من جهته، ولا جرى ما يلزمه ذلك من طريق الحكم كما لزم الشاهد، ولا سعاية أيضاً على العبد؛ لأن العبد لا يسعى عن الشريك الموسر على ما مضى.
  فإن كان المشهود عليه معسراً لزم العبد السعاية للشاهد؛ لأنه مقر أن المشهود عليه لزمه ضمان ما انتقل إليه لإعساره، فلزمه إقراره فيما عليه، كأن يقر رجل لرجل أني قد ضمنت لك ألف درهم عن رجل بحق واجب، والمضمون عليه(١) منكر، فإن المقر يلزمه المال للمقر له؛ لأن إقراره يتضمن(٢) لزوم المال له، ولزومه المضمون عنه، فلزمه إقراره، ولم يلزم المضمون عنه. ونكتة الباب أن العتق حصل في الظاهر من جهة الشاهد، فعلى هذا بنينا المسألة، والله أعلم.
(١) في (ب، د): عنه.
(٢) في (أ، ج): تضمن.