باب القول في الشهادة على العتق
مسألة: [في الشهادة على رجل بعتق عبده إذا أنكره العبد والمشهود عليه]
  قال: وإذا شهد رجلان على رجل بعتق مملوك له، وأنكره المملوك والمشهود عليه - بطلت الشهادة، وكان العبد مملوكاً بإقراره(١).
  وبه قال أبو حنيفة. قال أبو يوسف ومحمد: الشهادة مقبولة.
  ووجه المسألة: أنا وجدنا الشهادة على ضربين: شهادة الحسبة، وشهادة الحقوق، ومعنى قولنا: شهادة الحسبة هي الشهادة التي تقع(٢) لأمر يجب على المسلمين المنع منه أو الحمل عليه، وشهادة الحقوق هي الشهادة المتعلقة بحقوق بني آدم التي لا يجب فيها غير الإقامة، وقد ثبت أن هذه الشهادة لا يجب أن تسمع إلا إذا كان الخصم يدعي، فإذا كان المشهود عليه وله ينكرانها فيجب أن تبطل، وقد ثبت أن هذه الشهادة هي شهادة الحقوق؛ لأنها شهادة تتعلق بحقوق العبد، وليست شهادة الحسبة؛ لأن ما يستبيحه السيد إنما هو الاستخدام والتصرف في منافعه، وليس في جملته ما يجب على المسلمين(٣) على طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنع منه، ولا حمل العبد على الامتناع منه وإن(٤) كان حراً؛ لأن جميع ذلك مما يجوز للحر أن يبذله من نفسه لمن شاء.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون التصرف في منافعه على وجه الاسترقاق مما يجب المنع منه؟
  قيل له: قولكم: التصرف على وجه الاسترقاق لا يخلو من أن يكون المراد هو التصرف في المنافع، أو القصود المضامة لذلك؛ إذ ليس هاهنا أمر ثالث يعقل، والتصرف مما لا يجب المنع منه، والقصود مما لا يتأتى منا المنع منها(٥) ولا
(١) الأحكام (٢/ ٣٤٨).
(٢) في (ب، د، هـ): تجب.
(٣) في (أ، ب، ج، د): للمسلمين.
(٤) في (ب، د، هـ): ولو.
(٥) في (أ، ج): فيها. وفي (ب): منهما.