باب القول في الأيمان
مسألة: [فيما يحنث به من حلف أن لا يأتدم بإدام]
  قال: وإن حلف ألا يأتدم بإدام فأكل الخبز بشواء أو دهن أو خل أو مرق أو بصل أو ما أشبه ذلك مما يؤكل به الخبز حنث، وإن أكل بالملح أو الماء لم يحنث(١).
  قال أبو حنيفة وأبو يوسف: الإدام ما يصطبغ به، والملح إدام، واللحم والشواء ليس بإدام.
  قال محمد: كل شيء الغالب عليه أن يؤكل بالخبز فهو إدام، مثل قولنا.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن العرف بين الناس في الإدام هو ما يؤكل به الخبز ما عدا الماء والملح؛ لأن من قال: اشتر لي إداماً فاشترى له ماء وملحاً كان مخالفاً عرفاً، وإذا اشترى ما يؤكل به الخبز غالباً كان ممتثلاً، وقد قال النبي ÷ فيما روي عنه: «سيد الإدام اللحم»(٢) وروي عنه أنه وضع تمرة على لقمة وقال: «هذه إدام لهذه»(٣) والاسم قد صح أنه يتناول ما ذهبنا إليه، والعرف مقصور عليه، فلا وجه لمخالفته.
  قالوا: الإدام في اللغة هو الجمع، يقال: آدم الله بينكما، أي: جمع بينكما، وليس كل جمع يكون إداماً؛ لأنه لو جمعت لقمة إلى لقمة لم يكن إداماً، والإدام هو ما يجمع إلى الخبز فيصير مستهلكاً فيه، كالخل والملح.
  قيل لهم(٤): أول ما في هذا أن الملح لا يصير مستهلكاً في الخبز؛ لأنه متميز عنه، ويمكن أن يفرق بينهما بالنفض والمسح. على أن كل ما ذكرتم تحكم، وليس من حكم اليمين أن تحمل على الاشتقاق، وإنما تحمل على العرف، لا
(١) المنتخب (٣٠١).
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط (٧/ ٢٧١) والبيهقي في شعب الإيمان (٨/ ٦٩).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٨٦) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٠٧).
(٤) في (أ، ج): قيل أول. وفي (ب، د): قيل له أول.