شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 92 - الجزء 5

  أهبة النزول لا تكون استمرت على الركوب، فيجب ألا يقع الحنث، وإذا لبثت فقد استمرت على الركوب، فيجب أن يقع الحنث، وهكذا القول في اللبس.

  وهذا التحصيل يبطل ما ذهب إليه زفر؛ لأنها وهي آخذة في أهبة النزول أو نازلة لا تكون مستمرة على الركوب، واليمين تناولت الاستمرار.

  وعلى هذا يجب أن يكون الكلام فيمن قال لزوجته وهي ساكنة داراً: أنت طالق إن سكنتها؛ لأنه يقال: سكن إذا ابتدأ السكنى وإذا استمر عليها، فأما الدخول فهو مخالف لهذا عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو الصحيح؛ لأن الدخول اسم للابتداء فقط، فإذا قال لزوجته: «أنت طالق إن دخلت هذه الدار» فأقامت لم يحنث؛ لأن المقام لا يسمى دخولاً، وإنما يقع الحنث إذا خرجت ثم دخلت بعد ذلك، وهذا ذكر أنه⁣(⁣١) لأصحاب الشافعي على قولين.

مسألة: [فيمن حلف ألا يدخل هذه الدار فدخلها بعد هدمها]

  قال: ولو أن رجلاً حلف ألا يدخل هذه الدار فدخلها بعد ما هدمت وجعلت صحراء أو بستاناً أو حماماً أو مسجداً أو غير ذلك لم يحنث إن كانت يمينه مبهمة، وإن كان نوى العرصة حنث⁣(⁣٢).

  قال أبو حنيفة: إن دخل وقد صارت عرصة حنث، وإن دخل وقد جعلت بستاناً أو حماماً أو مسجداً أو غير ذلك لم يحنث. قال الشافعي: لا يحنث إن دخلها وهي عرصة.

  والأصل في هذا: أن تعلق⁣(⁣٣) اليمين ليس هو بالعرصة على الإطلاق، وإنما هو العرصة إذا كانت على صفة، وهي صفة الدار، وإذا انهدمت وزالت حوائطها وصارت عرصة خرجت عن أن تكون بصفة الدار، وزال الاسم لزوال الصفة


(١) «أنه» ساقط من (أ، ج)، وفي (هـ): وهذا ذكره لأصحاب الشافعي أنه على قولين.

(٢) المنتخب (٣٠١).

(٣) في (هـ): تعليق.