شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 93 - الجزء 5

  فلم تتناولها اليمين، فلم يجب أن يحنث بدخولها.

  فإن قيل: الاسم باق وإن تهدمت⁣(⁣١).

  قيل له: هذا غير مسلم، ولو سميت العرصة داراً لكانت خيام بني أسد كلها تسمى دوراً، وهذا لا معنى له.

  فإن قيل: فالعرب قد سمت الدور التي تهدمت وعفت رسومها دوراً ودياراً، وقد كثر ذلك في أشعارها وأخبارها.

  قيل له: ذلك على ضرب من التوسع والمجاز، وعلى معنى أنها كانت دياراً ومنازل، والأيمان لا تحمل على اتساعات أهل اللغة إلا أن يكون ذلك مقصوداً بالنية، يبين ما قلناه أن الله تعالى قال: {فَتِلْكَ بِيُوتُهُمْ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُواْۖ}⁣[النمل: ٥٢] وهم لا يخالفون في أن البيت لا يكون بيتاً مع أنه خاوٍ منهدم، ويحملون ذلك على المجاز، وعلى أنها كانت بيوتاً، فكذلك القول في الدار.

  فأما إذا قصد العرصة بنيته فيحنث؛ لأن اللفظ يتعلق بمتعلقه بحسب النية على ما مضى.

  وإذا جعلت بستاناً أو حماماً أو مسجداً فلا خلاف أنه لا يحنث.

  ووجهه: أن تعلق⁣(⁣٢) اليمين قد أزال⁣(⁣٣) الصفة التي بها تعلقت اليمين على ما مضى.

  فإن قيل: فأنتم تقولون: إذا حلف ألا يأكل هذا اللبن فصير شيرازاً وأكل حنث، فما الفرق بين ذلك وبين هذا؟

  قيل له: لأن اليمين تعلقت بعين اللبن، وعين اللبن هي هي وإن كانت تغيرت صفاتها فجعلت شيرازاً، وهاهنا لم تتعلق اليمين بالعرصة، وإنما تعلقت بجملة الدار التي العرصة منها، فإذا صارت عرصة فقد زال متعلق اليمين.


(١) في (ب، هـ): انهدمت.

(٢) في (هـ): متعلق.

(٣) كذا في المخطوطات.