شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 95 - الجزء 5

مسألة: [فيمن حلف ألا يلبس ثيابه فلبس بعضها]

  قال: وإن حلف ألا يلبس ثيابه وكانت له أثواب فلبس بعضها حنث، وكذلك إن كانت له عشر جوارٍ فحلف ألا يطأهن يميناً مطلقة مبهمة فوطئ واحدة منهن حنث، وكذلك إن حلف ألا تلبس امرأته هذين الخلخالين فلبست أحدهما حنث⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة والشافعي: لا يحنث حتى يلبس الجميع ويطأ الجميع. وحكي مثل قولنا عن مالك، ذكره ابن أبي هريرة فيما علقه عنه.

  والأصل في هذا أن كل جملة معينة يصح تعلق حكم عليها يصح تعلقه على أبعاضها، فمتى تعلق ذلك الحكم على تلك الجملة فقد تعلق على كل بعض من أبعاضها، ألا ترى أن من أباح لغيره التصرف في جميع أمواله ثم قال: «قد حظرت عليك التصرف في أثوابي العشرة هذه» تناول الحظر آحاد⁣(⁣٢) الأثواب وأبعاض آحادها كما تناول جملتها؟ وكذلك لو وكل رجل رجلاً ببيع جميع أمواله، ثم قال له: «عزلتك عن بيع جواريَّ العشر» صار معزولاً عن بيع آحادهن وعن بيع أبعاض آحادهن كما صار معزولاً عن بيع جملتهن؟ ونظائر هذا أكثر من أن تعد وتحصى، فإذا ثبت ما بيناه وعلق يمينه على أثواب له معينة ألا يلبسها فكأنه حلف ألا يلبس هذا الثوب ثم حلف ألا يلبس هذا حتى أتى على آخرها، وكذلك الحكم في الجواري والخلخالين، فمتى لبس واحداً من ذلك أو وطئ واحدة منهن حنث؛ لأن اليمين تعلقت على جملة معينة وكان يصح تعلقها على كل واحدة منها على ما بينا.

  يدل على ذلك أنه لو حلف أن يلبس ثيابه العشرة في هذا اليوم أو يطأ جواريه العشر في هذا اليوم فمتى ترك واحداً منها أو واحدة منهن لزمه الحنث في ذلك


(١) المنتخب (٣٠٧).

(٢) في (ب، د، هـ): هذه.