شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 96 - الجزء 5

  الواحد أو الواحدة كما كان يلزمه لو ترك الجميع؛ للعلة التي ذكرناها، وهي تعلق اليمين على حكم جملة معينة كان⁣(⁣١) يصح تعلقها على حكم كل⁣(⁣٢) واحد من أبعاضها.

  على أن المحفوظ عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم قالوا: لو حلف على ألا يكلم الناس⁣(⁣٣) فكلم واحداً منهم حنث، فناقضوا. ويمكننا أن نجعل هذا أصلاً نقيس عليه. وكذلك عندهم لو حلف ألا يشرب ماء هذا النهر فشرب شيئاً منه حنث.

  وهم فصلوا بين هذا وبين ما اختلفنا فيه بأن قالوا: إن هذا مما لا يقدر عليه، فشرب جميع ماء النهر لا يقدر عليه.

  قيل له⁣(⁣٤): وهذا الفصل لا يمنع من المناقضة؛ إذ قد صح الجمع بينه وبين ما اختلفنا فيه بالعلة التي ذكرنا. على أنهم لا يفصلون في باب الحنث بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه، فلا معنى لالتجائهم إلى ما قالوا. وكذلك الشافعي لا يفصل بين ذلك؛ لأنهم جميعاً قالوا: لو حلف أن يصعد السماء أو يحيي ميتاً يحنث.

  فإن قيل: أليس لو حلف ألا يعطي زيداً اليوم عشرة دراهم فأعطاه درهماً لم يحنث؟ فكذلك ما اختلفنا فيه.

  قيل له: نحن اشترطنا أن تكون الجملة التي تتعلق عليها معينة لتكون اليمين متعلقة على أبعاضها، فإذا كانت العشرة غير معينة فكل درهم يعطي لا يكون من جملة تلك العشرة؛ فلهذا لم يتعلق الحنث به.


(١) في (ب، د، هـ): كما. وفي نسخة في (د): كان.

(٢) «كل» ساقط من (أ، ج).

(٣) في (هـ): لو حلف أن لا يكلم جماعة من الناس.

(٤) في (هـ): لهم.