كتاب الأيمان والكفارات
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال لرجل من أصحابه: «لا أخرج من المسجد حتى أعلمك سورة لم تنزل على أحد قبلي إلا على أخي سليمان» قال(١): وأخرج إحدى رجليه من المسجد وقال: «بم تفتتح صلاتك؟» فقال: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، فقال: «هيه هيه(٢) إنها السبع المثاني والقرآن العظيم».
  وروي أيضاً أنه ÷ سئل عن آية من كتاب الله ø فقال: «لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بها» فقام(٣) ÷، فلما أخرج إحدى رجليه من المسجد أخبر بالآية قبل أن يخرج الرجل الأخرى.
  قالوا: فلو كان يقع ببعض ما وقع عليه اليمين لكان ÷ قد خالف ما تقدم من وعده.
  قيل له: نحن اشترطنا أن يكون الحكم الذي تعلق بالجملة يصح تعلقه على أبعاضها، ولذلك أوجبناه في الأبعاض كما أوجبناه في الجملة، والخروج فعل يصح تعلقه بجملة الحي ولا يصح تعلقه بأبعاضه، ولهذا لا يجوز أن يكون بعض الحي ضارباً وبعضه غير ضارب؛ لأن الضرب فعل يتعلق بجملة الحي، وكذلك ما جرى مجراه من سائر أفعاله، فلم يجب أن يكون ما أوردتموه مثل ما اختلفنا فيه.
  على أن النبي ÷ يجوز أن يكون أراد بذلك ألا يخرج الخروج التام، فكانت نيته له، ونحن لا ننكر أنه لو قال: «والله لا ألبس ثيابي هذه» ونوى لبسها بأجمعها أن له نيته.
  ومما ناقض فيه أبو حنيفة قال: لو حلف ألا يصوم فأصبح صائماً حنث وإن
(١) «قال» ساقط من (هـ).
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ٨١) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٠٧).
(٣) في (هـ): وقام.