باب القول في الأيمان
  وعلى هذا أجرى الكلام في البناء والهدم(١)، وفيه نظر إلا أن يكون نوى ألا يتولى ذلك بنفسه، فأما إن أبهم فيجب أن يحنث؛ لأن العادات جارية أن الناس يبنون ويهدمون على أيدي الأجراء، والله أعلم.
مسألة: [فيمن حلف أن يأتي فلاناً وقت العشاء]
  قال: ولو أن رجلاً حلف أن يأتي فلاناً وقت العشاء فأتاه قبل طلوع الفجر لم يحنث إن كانت يمينه مبهمة، وإن كان نوى وقتاً بعينه من أوقات العشاء كان على ما نوى(٢).
  ووجهه: أن وقت العشاء عنده ممتد إلى طلوع الفجر، فأية ساعة من ذلك أتاه فيها فقد برَّت يمينه. قال(٣): وعندي فيه نظر؛ لأن الأيمان تحمل على العرف دون الأسماء، والعرف في وقت صلاة العتمة هو ما بين غروب الشفق إلى أن يمضي من الليل طائفة دون الثلث، الذي هو الوقت المختار، فيجب أن يحمل مبهم اليمين عليه، فإن كان نوى جميع ما يقع عليه اسم وقت العشاء فهو إلى طلوع الفجر كما قال.
مسألة: [فيمن حلف أن يأتي فلاناً على رأس الشهر أو السنة]
  قال: وإن حلف أن يأتيه على رأس الشهر أو رأس السنة فأتاه أول ليلة من السنة الداخلة أو الشهر الداخل قبل طلوع الفجر لم يحنث، وإن أتاه بعد طلوع الفجر حنث(٤).
  قال الشافعي: إذا قال: رأس الهلال كان ذلك حين يرى الهلال. وهذا بعيد؛
(١) لفظ الفنون (٦٦٨): وأما بناء الدار وهدمها فقد قال غيرنا: إنه فيها حانث، وليس ذلك عندنا كذلك، لا يكون في ذلك عندنا حانثاً إذا أمر غيره فهدم الدار أو بناها بأمره.
(٢) الأحكام (٢/ ١٣٠) والمنتخب (٣١٢).
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) الأحكام (٢/ ١٣١) والمنتخب (٣١٢).