شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 107 - الجزء 5

فصل: [في صحة التخصيص بالنية وإن لم يلفظ بالعموم المخصوص]

  قال يحيى بن الحسين # فيمن قال لنسائه: أنتن طوالق إن ضربتن فلاناً: إنه على ما نوى، فإن نوى أن يضربنه كلهن مجتمعات لم يقع الحنث إلا إذا ضربنه مجتمعات⁣(⁣١).

  فدل هذا من مذهبه على أنه يخصص⁣(⁣٢) بالنية فيما لا نطق له؛ لأنه ليس للاجتماع ها هنا لفظ يتناوله على العموم ولا على وجه الخصوص، فعلى هذا لو قال: والله لا آكل ونوى طعاماً فله نيته، وهو قول الشافعي، ويدين فيما بينه وبين الله، وفي الحكم يحمل على ما يقتضيه ظاهر الإطلاق.

  قال أبو حنيفة في مثله: نيته لغوٌ، لا يدين لا فيما بينه وبين الله ø ولا في الحكم، قال: لأنه ليس هناك لفظ يقصد بالتعميم والتخصيص.

  والدليل على ما ذهبنا إليه من أن التخصيص والتعميم يصح فيما لا نطق له إذا كان هو المقصود بالخطاب قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ}⁣[النساء: ٢٣] وقد علمنا أن المراد بالتحريم ليس هو أعيان الأمهات؛ لأن ذلك يستحيل عقلاً فكيف يخاطب به سمعاً؟ فوجب أن يكون المراد بظاهره تصرفنا فيهن بالوطء والبيع والاستمتاع والخدمة والاستخدام والاسترقاق والضرب وكل ما صح التصرف به منا في الغير، ولا لفظ لشيء من ذلك، ثم ورد التخصيص عليه؛ لأنا قد علمنا أنا لم⁣(⁣٣) نمنع من خدمتها وإطعامها والنظر إلى وجهها وذراعيها وقدميها وما أشبه ذلك، فإذا ثبت ذلك ثبت أن التخصيص يجوز أن يرد على ما لا نطق له بالإرادة، فصح ما ذهبنا إليه.

  ولهذه الآية نظائر كثيرة، منها ما ورد التحريم على التعميم ومنها ما ورد على


(١) الأحكام (١/ ٣٨٢).

(٢) في (أ، ج): تخصيص.

(٣) في (د): لا.