كتاب الأيمان والكفارات
  وذلك أن قوله: أقسم يحتمل ما قال، وليس له ظاهر يدل على أنه(١) قسم بالله، فرددنا الأمر فيه إلى نيته.
  قال أبو حنيفة: هو يمين، واستدل أصحابه بقول الله ø: {إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ١٧}[القلم].
  قيل له: يحتمل أن يكونوا(٢) أرادوا القسم بالله، فليس فيه ما يمنع مما ذكرناه.
  وما ذكرناه في قوله: عليَّ عهد الله وميثاقه، وأقسم بالله، وتالله(٣)، وايم الله وهيم الله كلها قول القاسم #، وجميع ما ذكرناه أنه يمين هو قول الناصر #.
  قال: وإذا حلف الحالف ثم استثنى قبل انقطاع كلامه فله ما استثنى، وإن استثنى بعد انقطاع كلامه لزمته اليمين وبطل الاستثناء(٤).
  وهو قول القاسم وقول أبي حنيفة والشافعي، ولا أحفظ فيه خلافاً، إلا ما يحكى عن ابن عباس أنه قال: له أن يستثني ولو بعد سنة، وقيل: إنه لم يرد التحديد، وإنما أراد أن طويل المدة فيه كقصيرها.
  أما الاستثناء فقد بينا في كتاب الطلاق والعتاق ما نذهب إليه(٥) في قول الرجل: إن شاء الله، فلا معنى لإعادته، وهاهنا الغرض هو تبيين موضع الاستثناء، وفي وجوب الكفارة دليل على سقوط قوله؛ لأن الاستثناء بعد حين لو أجزأ لكان يستثني ويستغني به عن الكفارة، وقوله ÷: «من حلف على أمر ثم رأى غيره خيراً منه فليأت الذي هو خيرٌ وليكفر عن يمينه»(٦) يحجه؛
(١) «أنه» ساقط من (أ، ج).
(٢) في (أ، ج): أن يكون أراد. وفي (ب، د): أن يكون أرادوا.
(٣) في (د، هـ): وبالله.
(٤) الأحكام (٢/ ١٢٨) والمنتخب (٣٢١).
(٥) «ما نذهب إليه» ساقط من (ب، د، هـ).
(٦) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٥٦) ومسلم (٣/ ١٢٧٢) بلفظ: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها ... إلخ.