شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الأيمان والكفارات

صفحة 114 - الجزء 5

  {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ اَ۬لْعَهْدَ كَانَ مَسْـُٔولاٗۖ ٣٤}⁣[الإسراء]. وقال أبو حنيفة: هو يمين. والميثاق هو بمعنى العهد، وقد قال ø: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ اَ۬لنَّبِيٓـِٕۧنَ مِيثَٰقَهُمْ}⁣[الأحزاب: ٧] وقال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِے إِسْرَآءِيلَ}⁣[البقرة: ٨٣] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ}⁣[البقرة: ٨٤] وذكره في القرآن كثير.

  قال الشافعي: قول الرجل: عليَّ عهد الله وميثاقه ليس بيمين إلا أن يريد به اليمين. وقد بينا صحة ما قلناه. قال هو: لأنه يحتمل أن يكون مراده عليه أن يقيم الشرائع، وذلك هو عهد الله، ويحتمل أن يكون أراد به اليمين.

  وفيما بيناه ما يدل على أنه موضوع اليمين كما نقول في الطلاق والعتاق: إنه لا يرجع في الظاهر فيهما⁣(⁣١) إلى الاحتمال.

  وأما ايم الله وهيم الله فقد روي عن النبي ÷ أنه قال حين طعن بعض الناس في أمر أسامة بن زيد: «وايم الله إن كان لخليقاً بالأمارة»⁣(⁣٢).

  والقسم بـ «ايم الله» كثير في خطب علي # وكلامه، وهو يمين عند أبي حنيفة.

  وهيم الله هو بمعنى ايم الله، والهاء أقيمت مقام الألف، وهو في اللغة كثير، كقولهم: أرقت الماء وهرقته.

  وقوله: أقسم بالله هو يمين عند أبي حنيفة وأصحابه، والقسم هو اليمين، فكأنه قال: أحلف بالله، وقد قال الله: {فَيُقْسِمَٰنِ بِاللَّهِ}⁣[المائدة: ١٠٧] وقال: {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ}⁣[الأنعام: ١٠٩] وذكره في القرآن كثير.

  قال: فإن قال: «أقسم لا فعلت» ثم فعله لزمته الكفارة إن أراد القسم بالله، وإن أراد القسم بغيره لم تلزمه الكفارة⁣(⁣٣).


(١) في (هـ): فيهما في الظاهر.

(٢) أخرجه البخاري (٥/ ٢٣) ومسلم (٤/ ١٨٨٤).

(٣) الأحكام (٢/ ١٢٧) والمنتخب (٣٢٠).