شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الكفارة

صفحة 130 - الجزء 5

  وكفارته كفارة يمين»⁣(⁣١) فأوجب فيه كفارة يمين؛ لأنه نذر لم يتعلق بالقربة، وروي أيضاً عن عقبة بن عامر أنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله ÷ يقول: «من نذر نذراً لم يسمه فعليه كفارة يمين»⁣(⁣٢) وروي عن ابن عباس عن النبي ÷، رواه محمد بن منصور⁣(⁣٣)، وهذا نص فيما قلناه. وأيضاً قد أوجب على نفسه لله ø أمراً لم يسمه، ولم يقل أحد فيه بشيء سوى كفارة يمين، فقلنا به؛ لأنا لو لم نقل به كنا [قد]⁣(⁣٤) ألغينا الإيجاب وقد حصل.

مسألة: [في تعدد الكفارة على الجماعة في قتل الخطأ]

  قال القاسم #: إذا اجتمع رجلان على قتل رجل خطأ لزم كل واحد منهما كفارة عن نفسه.

  وذلك أن كل واحد منهما قاتل، فالكفارة لزمته لكونه قاتلاً.

  فإن قيل: فهلا قلتم: إن على كل واحد منهما دية كاملة.

  قلنا: لأن الدية في مقابلة الدم، والدم دم واحد، والكفارة ليست في مقابلة الدم؛ لأنها ليست بعوض عن الدم، والكفارة في مقابلة الجناية، فإذا ثبتت الجناية من كل واحد منهما لزمته في نفسه كفارة، كما قلنا ذلك في المحرمين إذا اشتركا في قتل صيد: إن على كل واحد منهما جزاءً كاملاً؛ لأن الجزاء ليس في مقابلة الصيد، وإنما هو في مقابلة الجناية، ألا ترى أن الصيد لو كان ملكاً لإنسان لزمهما معاً لمالكه قيمة واحدة؛ لأن القيمة عوض للصيد وفي مقابلته، وهكذا نقول في السراق إذا اجتمعوا على سرقة مال كان على الجميع ضمان واحد، وكل واحد منهم استحق القطع.


(١) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٥٧) وأبو داود (٢/ ٤٤٠).

(٢) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٥٥) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٧٨) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٣٠).

(٣) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٥٦).

(٤) ما بين المعقوفين من (هـ).