باب القول فيما يوجب الكفارة
مسألة: [في كفارة القتل العمد]
  قال: وتجب الكفارة على كل من قتل مسلماً أو ذمياً، خطأ أو عمداً.
  إيجاب الكفارة في قتل العمد نص عليه في المنتخب(١)، ودل كلامه في الأحكام(٢) على أن لا شيء على العامد غير القود أو الدية، إلا أن نصه أولى أن يكون قولاً له من دلالة كلامه.
  وقال أبو حنيفة: لا كفارة عليه، وقال الشافعي: عليه الكفارة.
  قال أيده الله: والأصح عندي إيجاب الكفارة على ما نص عليه في المنتخب، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّٖ لَّكُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٞ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤْمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَيٰ أَهْلِهِۦ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤْمِنَةٖۖ}[النساء: ٩٢] فلم يشترط في هذين أن يكون القتل خطأ، وأوجب الكفارة، فاقتضى حكم العموم أن تجب الكفارة في قتلهما خطأ كان أو عمداً(٣)، ولا يمكن أن يقال: إن صدر الآية لما كان خاصاً وجب أن يكون وسطها وعجزها كذلك؛ لأنه لا يمتنع أن يكون الصدر عاماً والعجز خاصاً، أو الصدر(٤) خاصاً والعجز عاماً، ألا ترى أنه خص المؤمن في الأول والثاني، وفي الثالث عم الذمي والملي بقوله ø: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ}؟
  وأيضاً روي عن ابن الأسقع قال: أتينا النبي ÷ في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال النبي ÷: «أعتقوا عنه رقبة يعتق الله عنه بكل
(١) المنتخب (٦٠٠).
(٢) الأحكام (٢/ ٢٢٠).
(٣) في (هـ): عمداً كان أو خطأ.
(٤) في (أ، ب، ج، د): والصدر.