شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الكفارة

صفحة 131 - الجزء 5

مسألة: [في كفارة القتل العمد]

  قال: وتجب الكفارة على كل من قتل مسلماً أو ذمياً، خطأ أو عمداً.

  إيجاب الكفارة في قتل العمد نص عليه في المنتخب⁣(⁣١)، ودل كلامه في الأحكام⁣(⁣٢) على أن لا شيء على العامد غير القود أو الدية، إلا أن نصه أولى أن يكون قولاً له من دلالة كلامه.

  وقال أبو حنيفة: لا كفارة عليه، وقال الشافعي: عليه الكفارة.

  قال أيده الله: والأصح عندي إيجاب الكفارة على ما نص عليه في المنتخب، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّٖ لَّكُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٞ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤْمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَيٰ أَهْلِهِۦ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤْمِنَةٖۖ}⁣[النساء: ٩٢] فلم يشترط في هذين أن يكون القتل خطأ، وأوجب الكفارة، فاقتضى حكم العموم أن تجب الكفارة في قتلهما خطأ كان أو عمداً⁣(⁣٣)، ولا يمكن أن يقال: إن صدر الآية لما كان خاصاً وجب أن يكون وسطها وعجزها كذلك؛ لأنه لا يمتنع أن يكون الصدر عاماً والعجز خاصاً، أو الصدر⁣(⁣٤) خاصاً والعجز عاماً، ألا ترى أنه خص المؤمن في الأول والثاني، وفي الثالث عم الذمي والملي بقوله ø: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمِۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٞ

  وأيضاً روي عن ابن الأسقع قال: أتينا النبي ÷ في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال النبي ÷: «أعتقوا عنه رقبة يعتق الله عنه بكل


(١) المنتخب (٦٠٠).

(٢) الأحكام (٢/ ٢٢٠).

(٣) في (هـ): عمداً كان أو خطأ.

(٤) في (أ، ب، ج، د): والصدر.