شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الأيمان والكفارات

صفحة 146 - الجزء 5

  فهذه الأخبار دلت على أن الواجب أن يطعم ستين مسكيناً، وأن لكل مسكين صاعاً من تمر، ومن أطعم مسكيناً واحداً في ستين يوماً لم يكن أطعم ستين مسكيناً، يبين ذلك أن رجلاً لو قال لوكيله: «فرق هذا المال على عشرة مساكين» لم يجز له أن يضعه في مسكين واحد في عشرة أيام، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه اشترط عليه عدد المساكين.

  على أنه لا يخلو من أن يكون المراد إيصال⁣(⁣١) القدر إلى المساكين أو يكون المراد مع القدر عدد المساكين، فإن كان المراد إيصال القدر إلى المساكين فيجب أن يجوز دفع ذلك المقدار إلى مسكين أو مسكينين أو ثلاثة دفعة واحدة، ألا ترى أن الزكوات والعشور لما لم يكن عدد الفقراء فيها معتبراً جاز أن تدفع إلى الواحد والاثنين والثلاثة دفعة واحدة، فلما أجمعوا أن ذلك لا يجوز في الكفارات - لأن أبا حنيفة وإن أجاز دفعها إلى واحد إنما يجيز دفعها إليه في عشرة أيام، وفي الظهار في ستين يوماً - ثبت أن حال الكفارة مخالف لحال الزكوات والعشور في أن تعلق المراد بمقدار المدفوع، وإذا بطل ذلك ثبت أن المراد يتعلق مع المقدار بعدد الفقراء، فصح ما ذهبنا إليه من أنه لا بد من استيفاء العدد.

  فإن قيل: فقد أمر برمي سبع حصيات، ولو رمى بحصى واحدة سبع مرات أجزأ.

  قيل له: لأن الغرض هناك تعلق بعدد الرمي الذي هو الفعل دون ما سواه، ألا ترى أنه لو رمى بسبع حصيات رمية واحدة لم يجز كما أنه لو أطعم ستين مسكيناً في وقت واحد أجزأ؟

  فإن قيل: فقد سمى الله ø هلالاً واحداً أهلة؛ لتكرار⁣(⁣٢) الأوقات عليه⁣(⁣٣).


(١) في (هـ): ألمراد به إيصال ذلك القدر.

(٢) في (ب، د): لتكرر.

(٣) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٥/ ١٩٧): وليس يمتنع إطلاق لفظ إطعام ستين مسكيناً ويكون المراد =