كتاب الأيمان والكفارات
  قيل له: ذلك جائز إذا قام دليله، وهاهنا لم يقم دليل على ما قلتم، بل قام على خلاف ذلك، فلا وجه لصرف الآية والآثار عن ظواهرها.
  فإن قيل: إذا جاز ترديد صاع واحد على عشرة مساكين - بأن يتملك كل واحد منهم بعد ما يدفع إليه - فهلا جاز أن تردد عشرة أصواع على مسكين واحد.
  قيل له: لأنا قد بينا أن عدد المساكين معتبر مع مقدار ما يخرج من ملكه، فيجب أن يخرج من ملكه عشرة أصواع على عشرة مساكين، وقد فرق بينهما.
  فإن قيل: إن الصاع لا حرمة له ولا حق، فلم يكن لعدده معتبر، وكذلك في الحصيات.
  قيل له: لا حق للحصاة ولا حرمة فلم يكن تعددها معتبراً(١)، والمساكين لكل واحد منهم حق، فوجب أن تعتبر أعدادهم. وأيضاً لا خلاف أنه(٢) لو أعطى مسكيناً واحداً في يوم واحد ستين صاعاً عن كفارة الظهار، أو عشرة أصواع عن كفارة اليمين - لم يجز، فكذلك(٣) إذا أعطي في ستين يوماً أو عشرة أيام، والعلة أن المعطى مسكين واحد، أو يقال(٤): إنه لم يستوف عدد المساكين؛ الدليل على هذا أنه لو استوفى عددهم جاز أن يعطى في يوم واحد.
  على أنهم قد جعلوا استيفاء عدد الأيام بدلاً من استيفاء عدد المساكين، والنص ورد في استيفاء عدد المساكين دون الأيام، فلا يجوز أن يجعل بدل فرض
= به أعداد الفعل دون أعداد المساكين كقوله تعالى: {۞يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اِ۬لْأَهِلَّةِۖ}[البقرة: ١٨٨]، وإنما هو هلال واحد، ولتكرار الأوقات عليه سماه أهلة.
(١) في (هـ): بعددها معتبر.
(٢) «أنه» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) في (أ، ب، ج، د): وكذلك.
(٤) في (أ، ج): ويقال.