باب القول في كفارة اليمين
  وقد أجازه أبو حنيفة، وحكي عن الشافعي أن استدعاءهم وإطعامهم لا يجوز؛ لأنه ليس بتمليك لهم.
  ووجه إجازة ذلك: أن الله تعالى قال: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ}[المائدة: ٨٩] ومن استدعاهم وأطعمهم فقد امتثل الظاهر؛ إذ ليس في الظاهر أنه يجب تمليكهم.
  فإن قيل: فهلا أجزتم(١) في الكسوة ألا تكون على وجه التمليك.
  قيل له: لأن الكسوة ليس لها غاية تنتهي إليها، ولو لم يملكه صح رجوعه فيها، وليس كذلك الطعام؛ لأنه إذا أكله فقد خرج عن ملك المالك ولم يصح الرجوع فيه، فيجري مجرى التمليك.
  ووجه الاستحباب فيه: أنه أشد ملاءمة لظاهر الآية، وما روي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ قال: (لئن أخرج إلى سوق فأشتري صاعاً من طعام وذراعاً من لحم ثم أدعو نفراً من إخواني أحب إلي من أن أعتق رقبة)(٢) ولأنه يكون قد كفى الفقراء مؤنة الصنعة، فيصل إليهم ما يصل(٣) وهو أهنأ لهم.
مسألة: [في أن العبد لا يجزيه في كفارته إلا الصيام]
  قال: ولا يجزئ العبد في كفارة يمينه إلا صيام ثلاثة أيام متتابعة، ولا في كفارة القتل والظهار إلا صيام شهرين متتابعين(٤).
  وذلك أنه لا ملك له، فهو أبداً غير واجد، فوجب أن يكون حكمه الصوم، ولا أعرف في هذا خلافاً بين من لم يجعل للعبد ملكاً، ومن خالف في هذا كان الكلام بيننا وبينه في ملك العبد.
(١) في (أ، ج): جوزتم.
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٦١).
(٣) في (ب، د، هـ): فيصل ما اتصل.
(٤) الأحكام (٢/ ١٣١) والمنتخب (٣١٣).