باب القول في حد الزنا
  جفت من دمها فاجلدها»(١) فاقتصر بها على الحد دون التغريب، فدل ذلك على صحة قولنا. على أنه ÷ أمر ببيعها، وليس البيع من جملة الحد، فلا يمتنع أن يكون النفي كذلك.
  فإن قيل: ففي حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ÷: «خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر، والثيب بالثيب، البكر يجلد وينفى، والثيب يجلد ويرجم»(٢) وفي حديث من جاء إلى النبي ÷ فقال: إن ابني كان عسيفاً(٣) على هذا فزنى بامرأته فقال: «على ابنك مائة جلدة وتغريب عام، واغد يا أُنَيْس على امرأة هذا، فإن هي اعترفت فارجمها» فغدا عليها فاعترفت فرجمها(٤).
  قيل له: التغريب يجوز أن يكون النبي ÷ أمر به على طريق التأديب؛ لأنه لو كان من جملة الحد لم يسقط عن الأمة، وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه قال فيه: (جلد مائة، وحبس سنة)(٥) فبان على هذا أن ما زاد على المائة من التغريب والحبس على جهة التأديب لا أنه حد موظف. وهو قياس على المحصن أنه لا تغريب عليه، وقياس على سائر الحدود من القذف والسرقة والشرب في أنه لا تغريب في شيء منه. وروي أن عمر غرب في الشرب، فبان أنه تأديب، ولو كان حداً لوجب أن تكون المسافة فيه مقدرة؛ إذ الحد لا يجوز أن يكون مجهول القدر فيما يصح ضبطه؛ دليله سائر الحدود. وروي
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٣٦) عن علي # وبلفظ: أخبر النبي ÷ بأمة ... إلخ. وأما حديث عباد بن تميم عن عمه فأخرجه الطحاوي (٣/ ١٣٦) وغيره بلفظ: «إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير».
(٢) أخرجه مسلم (٣/ ١٣١٦، ١٣١٧).
(٣) أي: أجيراً. (نهاية).
(٤) أخرجه البخاري (٣/ ١٩١) ومسلم (٣/ ١٣٢٤).
(٥) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٢٨).