شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة التطهر وما يوجبه

صفحة 255 - الجزء 1

  لجميع ما يسمى رأساً، ومعلوم أن مراد الآمر إذا كان جميع ما يدخل تحت الاسم فلا يزيد على إيراد لفظة شاملة لجميع ما يدخل تحت الاسم.

  فإن قيل: إن ظاهر ذلك يقتضي من المسح مقدار ما يسمى الإنسان به ماسحاً لرأسه دون استيعاب جميع ما يقع عليه اسم الرأس.

  قيل له: ليس الأمر على ما قدّرت، بل حكم اللفظ يوجب استيعاب جميع ما يدخل تحت الاسم؛ ألا ترى أنه لا خلاف بيننا وبين مخالفينا أن قول الله تعالى: {فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥] يقتضي قتل كل من يقع عليه اسم الشرك؛ لكون الاسم متناولاً لجميعهم؟ ولو كان حكم اللفظ ما ذكروه لوجب أن يكون الواجب من القتل هو القدر الذي إذا أتاه الإنسان سمي به قابل المشركين، وذلك يكون إذا قتل ثلاثة من المشركين، فلما بطل ذلك وكان الواجب بقضيَّة⁣(⁣١) الظاهر أن يقتل جميع من يتسمى⁣(⁣٢) بمشرك صح وثبت ما قلناه من أن الحكم إذا علق باسم وجب أن يدخل في ذلك الحكم كل ما يتناوله ذلك الاسم، إلا ما منع منه الدليل، وإذا صح ذلك صح ما قلناه من أن قوله تعالى: {وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ}⁣[المائدة: ٦] يوجب مسح جميع ما يسمى بالرأس.

  فإن قيل: فقول⁣(⁣٣) الله تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، يقتضي قطع من يقع عليه اسم السارق سواء⁣(⁣٤) سرق القليل أو الكثير، إلا ما منع منه الدليل، ولو كان الأمر على ما قلتم لكان لا يوجب أن يقطع من سرق بعض مال.

  قيل له: هذا غلط، وذلك أنا قلنا: إن الحكم إذا علق باسم وجب أن يدخل


(١) في (ب): الذي يقتضيه.

(٢) في (ب): يسمى.

(٣) في (أ، ب): قول.

(٤) في (ب، د): وسواء.