باب القول في الشهادة على الزنا
  لأن الصلح عن دم العمد جائز لا خلاف فيه بين المسلمين، ويكون في خاصة ماله لا خلاف فيه؛ لقوله ÷: «لا تعقل العاقلة عمداً».
مسألة: [في نكول أحد الشهود بالزنا]
  قال: وإذا شهد بالزنا شاهدٌ واحد ثم نكل الثاني، أو شهد شاهدان ثم نكل الثالث، أو شهد ثلاثة ثم نكل الرابع - وجب على من شهد حد القاذف، ولم يلزم المشهود عليه ولا الناكل شيء(١).
  وبه قال أبو حنيفة وأحد قولي الشافعي.
  لزمهم الحد لأنهم لما لم تتم شهادتهم صاروا قذفةً، فلزم كل واحد حد القاذف(٢)، وروي أن ثلاثة منهم أبو بكرة شهدوا عند عمر على المغيرة بن شعبة بالزنا، ونكل زياد بن أبيه، فحد عمر الثلاثة، ولم يلزم زياداً في نكوله ولا المغيرة بشهادة الثلاثة عليه شيئاً، وذلك بمحضر من الصحابة فلم(٣) ينكره أحد، فجرى مجرى الإجماع. وإنما لم يلزم المشهود عليه شيء لأن الشهادة عليه لم تتم، ولم يلزم الناكل شيء لأنه لم يدخل في أمره، فهو كسائر الأجانب.
مسألة: [في اختلاف الشهود في زمان أو مكان الزنا]
  قال: ولا تثبت الشهادة على الزنا حتى يشهدوا أنهم رأوه يزني في وقت واحد ومكان واحد، فإذا اختلفت الشهود في الموضع الذي وقع فيه الزنا درئ عنه الحد وعنهم(٤) جميعاً(٥).
  وهذه الجملة لا خلاف فيها إلا في موضع أذكره؛ لأن الشهادة على الإيلاج لا
(١) الأحكام (٢/ ١٥٣) والمنتخب (٦٢٦).
(٢) في (أ، ج): القذف.
(٣) في (هـ): ولم.
(٤) في (هـ): درئ الحد عنه وعنهم جميعاً.
(٥) المنتخب (٦٢٩).