باب القول في الشهادة على الزنا
مسألة: [في الراجع عن الشهادة يدعي الخطأ أو التعمد]
  قال: وإن ادعى الراجع خطأ كان ذلك على عاقلته، وإن ادعى التعمد قتل به(١).
  وذلك أن الخطأ في الجناية على بني آدم يلزم العاقلة، لا خلاف فيه.
  فإن قيل: فقد قال النبي ÷: «لا تعقل العاقلة عمداً» إلى قوله: «ولا اعترافاً»، وهذا أقر بالخطأ، فيجب ألا يلزم العاقلة.
  قيل له: هذا غلط، وذلك أن الجناية لم تثبت باعترافه؛ لأن جنايته قد عرفها الإمام والمسلمون؛ لأن جنايته كانت هي الشهادة، وتلك لم تعرف من جهته، والرجوع ليس بجناية، وادعاء الخطأ ليس بجناية، فصح ما قلناه.
  فأما إذا قال: تعمدت لزمه القود؛ لأنه أقر بإتلاف النفس على وجه العمد على وجه يوجب القتل؛ لأن القتل بالرجم يوجب القود إذا وقع ظلماً؛ لأن رجوعه عن الشهادة مع قوله: تعمدت وقد نفذ الفعل يجري مجرى إقراره بأنه فعل الفعل(٢) الذي فعله الحاكم على سبيل العمد، فكأنه قال: رجمته متعمداً، فوجب أن يقتل، ويدل عليه قول أمير المؤمنين: (ولو علمت أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما)، فبين أن ما ثبت عليه أنه تعمد بشهادته مما يؤدي إلى التلف يلزمه فيه القصاص، وما بيناه في(٣) إيجاب الدية في الخطأ فهو بيان إيجاب القود في العمد.
  قال: أو صالح أولياء الميت(٤) من خاصة ماله(٥).
(١) الأحكام (٢/ ١٦٦) والمنتخب (٦٢٧).
(٢) في (هـ): القتل.
(٣) في (هـ): من.
(٤) في (هـ): المقتول.
(٥) الأحكام (٢/ ١٦٦) والمنتخب (٦٢٧).