شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 218 - الجزء 5

  وحكى أبو بكر الجصاص⁣(⁣١) مثل قولنا عن مالك وعثمان البتي، وحكى عن الأوزاعي وأظنه عن الحسن بن صالح بن حي أن كل من حد في الإسلام في قذف أو غيره لم تقبل شهادته. ومذهب أبي حنيفة وأصحابه أن كل محدود تقبل شهادته غير المحدود في القذف.

  قال: ولا فصل بين أن يكون القاذف مسلماً أو ذمياً⁣(⁣٢).

  وهذا لا خلاف فيه؛ لعموم قوله: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ} فعم ولم يخص، ولأن سائر الحدود لا تخصيص فيه بين أهل الذمة وأهل الملة.

مسألة: [في تأجيل القاذف إذا ادعى بينة غيباً]

  قال القاسم #: إذا ادعى القاذف بينة غيباً على صحة قذفه انتظر أجل مثله.

  قال: أجل مثله، ولم يذكر شيئاً معيناً. وقال يحيى بن الحسين #(⁣٣): يؤجل أجلاً يمكنه فيه المجيء ببينته. وحكي عن أبي حنيفة أنه يؤجل إلى قيام القاضي. وروي عن أبي يوسف أنه قال: أحبسه وأتأنى به ولا أعجل. وعن محمد: مقدار جلوس القاضي، وعن محمد فيمن ادعى على آخر أنه قذفه فادعى بينة حاضرة: كفلناه ثلاثة أيام. كل ذلك حكاه أبو الحسن الكرخي في المختصر.

  والأولى عندي أن أضيق الآجال بعد أجل المجلس الذي يكون بين المتعاقدين إنما هو ثلاثة أيام الذي جعل للشفيع، وهو أجل حسن على ما بيناه في الشفعة، فلا يبعد أن يحمل أجل القاذف عليه، ويتأول عليه قول القاسم #، والله أعلم، وذلك أنه لا خلاف أن أجله أوسع من أجل المتعاقدين. وليس يبعد أن يقال أيضاً بقول أبي حنيفة قياساً على أجل المتصارفين، وهو إلى التفرق عن المجلس.


(١) شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٢١٨).

(٢) انظر الأحكام (٢/ ١٧٧) والمنتخب (٦٣٥).

(٣) الأحكام (٢/ ١٧٧) والمنتخب (٦٣٣).