شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 222 - الجزء 5

مسألة: [في أن قذف الرجل أباه أو ابنه يوجب عليه الحد]

  قال: وإذا قذف الرجل أباه أو ابنه لزمه الحد كما يلزمه لو قذف الأجنبي⁣(⁣١).

  أما إذا قذف أباه فلا خلاف في أنه يلزمه الحد.

  وأما إذا قذف الابن فقول أبي حنيفة: لا حد عليه، وبه قال كثير من العلماء، وقال القاسم ويحيى @ بإيجاب الحد فيه؛ لقول الله ø: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ}⁣[النور: ٤] فعم ولم يخص. وليس يمكن أن يرد ذلك إلى القصاص؛ لأنه⁣(⁣٢) حق محض للابن يقوم فيه وارثه بعده، ألا ترى أنه يصح فيه العفو بعد رفعه⁣(⁣٣) إلى الإمام؟ والقذف حق لله ø وإن تعلق به حق الآدمي؛ لذلك لا يصح فيه العفو بعد المرافعة. ولا يصح رده إلى من سرق من مال ابنه؛ لأن القطع هاهنا درئ لشبهة الملك؛ لقوله ÷: «أنت ومالك لأبيك»، ألا ترى أنا ندرأ القطع عمن سرق من شريكه لشبهة الملك؟ وليس في قذف الابن شبهة، فلا يجب أن يدرأ عنه الحد.

  فإن قيل: أليس قال في المنتخب⁣(⁣٤): إن رجلاً لو قذف أم ابنه وهي ميتة إن الابن لا يطالب أباه بحدها؟ فكذلك لا يطالب بحد نفسه.

  قيل له: لأن هناك من يطالب به، وإن ترك الابن المطالبة يقوم غيره من أوليائها أو الإمام، والابن لا يجوز أن يطالب بحده غيره⁣(⁣٥) إذا ترك، فلم يجز للابن الإقدام على مطالبة أبيه بحدٍ غيره يجوز أن يقوم مقامه.


(١) الأحكام (٢/ ١٧٥) والمنتخب (٦٣١).

(٢) أي: القصاص.

(٣) في (ب، د): المرافعة.

(٤) المنتخب (٦٣٦).

(٥) «غيره» ساقط من (أ، ب، ج، د).