باب القول في حد القاذف
  وردت في جماعتهم، فلا بد من أن يكون تقدير الآية: فاجلدوا كل قاذف.
  فإن قيل: تقدير الآية: الذي(١) يرمي كل واحد منهم المحصنات.
  قيل له: ليس ذلك كذلك، ولو كان كذلك لكنا(٢) لا نحد بظاهر الآية من قذف محصنة حتى يقذف المحصنات، وهذا خلاف الإجماع.
  فإن قيل: روي أن هلال بن أمية لما قذف امرأته بشريك بن سحماء قال له رسول الله ÷: «ائت بأربعة يشهدون، وإلا فحد في ظهرك» فأوجب لهما جميعاً حداً واحداً.
  قيل له: ليس هذا الكلام على ظاهره، بل تقديره: وإلا فحد في ظهرك لمن طلب منهما، ألا ترى أنهما لو أقرا لم يلزمه حد وكذلك إن لم يطلبا لم يجب؟ فكشف بذلك على(٣) أن الغرض ما ذكرناه.
  فإن قيل: إذا كان عندكم أنه لو قذف واحداً مراراً فليس عليه إلا حد واحد فما تنكرون أن يكون ذلك كذلك وإن قذف جماعة؟
  قيل له: الفرق بينهما أن من قذف رجلاً واحداً مراراً فعفا عنه سقط بعفو واحد جميع ما لزمه بقذفه، ومن قذف عدة من الناس فعفا عنه بعض المقذوفين لم يسقط عنه جميع ما لزمه بقذفه، فثبت أن لكل واحد منهم حقاً على القاذف في الحد(٤)، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه يجب أن يحد بعددهم، وذلك كأن يكون المقذوف الواحد يقذفه عدة من القاذفين أنه يلزم كل واحد منهم له حد؛ لأنه لو عفا عن واحد منهم لم يسقط حقه عن(٥) الباقين بالعفو الواحد، فبان أنه حدودٌ
(١) لعلها: الذين.
(٢) في (أ): قيل له ليس ذلك كذلك لكنا. وظنن على «ليس» بـ: لو كان.
(٣) «على» ساقط من (د).
(٤) في (ب، د، هـ): لم يسقط عنه جميع ما لزمه بقذفه وكذلك لو عفا عنه واحد منهم حقاً على في الحد.
(٥) في (أ): من.