كتاب الحدود
  شتى، كذلك ما اختلفنا فيه؛ بعلة أنه لا يسقط بالعفو الواحد. وأيضاً قد ثبت أن اللعان يجري مجرى الحد، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال في امرأة هلال بن أمية حين جاءت بالولد على الصفة المكروهة: «لولا ما مضى من الحد لكان لي ولها شأن» يعني ÷ بالحد اللعان، وقد علمنا أن رجلاً لو قذف أربع نسوة له بلفظة واحدة لزمه لكل واحدة منهن لعان، فكذلك إذا قذف الأجنبيات، والعلة أنه تعلق القذف بمقذوفين شتى.
  فأما المقذوفة فلا خلاف أنها المطالبة بحقها من الحد إن كانت حية، وإن كانت ميتة فقد اختلف فيه، قال أبو حنيفة: هو إلى الوالد، والجد أبي الأب، والولد، وولد الابن، دون الإخوة والأخوات. واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من قال: إنه إلى الورثة، ومنهم من قال: إنه إلى الأولياء كالنكاح. وهذا قول يحيى #؛ لأنه ذكر الأولياء ولم يذكر غيرهم.
  والدليل على أنه ليس إلى الورثة: أنه لا يدخل فيه الزوج والزوجة، ولو كان ذلك بحسب المواريث كان الزوج والزوجة فيه كسائر الورثة.
  فإن قيل(١): سببهما ينقطع ولا يلحقهما العار(٢).
  قيل له: فهذا الذي يدل على أنه لا يجري مجرى المواريث. على أنا لو جعلناه للورثة كان يجب أن يقسم بحسب المواريث، ولا خلاف أن الولد والوالد لهما حق المطالبة به، فوجب أن يكون ذلك مقصوراً على التعصيب كالنكاح؛ بدلالة أنه حق لا يدخله المال، والمقصد به دفع العار وتحصين الفرج.
  فإن قيل: هو لمن يقدح القذف في نسبه من الوالد والولد.
  قيل له: وأي قدح يلحق نسب الرجل إذا قُذِفَ ابنه بالزنا، وكذلك إذا قُذِفَ
(١) في (ب، د، هـ)، ونسخة في (أ، ج): فإن قالوا.
(٢) في (أ، ب، ج، د): اللعان. وظنن في (د) بـ: العار.