كتاب الحدود
  اؤتمن الإنسان فيه، كالرجل يأتمن غيره على دخول منزله ولم يحرز منه لم يلزمه القطع إذا سرق من ماله، وكمن يؤتمن على الودائع والبضائع والعواري وأموال المضاربة إذا جحدها وخان فيها لم يلزمه القطع؛ لعموم اللفظ، وكذلك من طر أو اغتصب مجاهرة أو مخالسة فلا قطع عليه؛ لقوله ÷: «ولا على مختلس ولا على منتهب».
  وأما ما روي عن عائشة أن امرأة كانت تستعير الحلي فلا ترده فأمر بها رسول الله ÷ فقطعت يدها(١)، فحكي عن قوم أنهم تعلقوا بهذا الخبر، وأوجبوا القطع على من جحد العارية، ولا حجة لهم في ذلك؛ لأنه يحتمل أن يكون ÷ قطعها لأنها سرقت مع ذلك، وأن ذكر استعارة الحلي لتعريفها، فلعلها كانت مشهورة بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك منسوخاً بقوله: «ليس على الخائن قطع» وأن ذلك كان قبل وجوب مراعاة الحرز؛ لأن آية القطع لم تتضمن ذكر الحرز، فيجوز أن يكون ذلك متأخراً عنها، وقد روي ما يؤكد ذلك عن عائشة أنها قالت: إن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت إلى أن روت أن رسول الله ÷ قطعها، وأيضاً روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله ÷ لما سئل عن التمر المعلق قال: «لا قطع فيه، إلا ما آواه الجرين وبلغ ثمن المجن ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة وجلدات نكال»(٢).
(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٩/ ٧٣).
(٢) أخرجه النسائي (٨/ ٨٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٥٧).