شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحدود

صفحة 245 - الجزء 5

  التافه. فهذا يدل على أنها لم تحفظ فيه نصاً.

  فأما ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لعن الله السارق يسرق الحبل فيقطع فيه، ويسرق البيضة فيقطع فيها»⁣(⁣١)، فالمراد بالبيضة بيضة الحديد، وهي بيضة المغفر، وقد تساوي عشرة دراهم وأكثر، وروي عن علي # أن النبي ÷ قطع في بيضة من حديد قيمتها أحد وعشرون درهماً⁣(⁣٢). وأما الحبل ففيه ما يساوي عشرة وعشرين وثلاثين وأكثر وأقل، ولعل المراد بذلك أنه يسرق كل ما يجد حتى يقطع.

  واشترطنا أن يكون السارق بالغاً عاقلاً لأن القطع عقوبة؛ لقوله تعالى: {نَكَٰلاٗ مِّنَ اَ۬للَّهِۖ}⁣[المائدة: ٣٨]، والعقوبة لا يستحقها إلا البالغ العاقل، وهذا مما لا خلاف فيه. وما روي عن علي # أنه كان يقرض أنامل الصبي إذا سرق⁣(⁣٣) فلسنا نصححه عنه، وقد قال ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى ينتبه».

  وأما الحرز فلا بد من اعتباره عند العلماء من أهل البيت $ وغيرهم، وحكي عن قوم ترك اعتباره.

  والأصل فيه: ما روى أبو الزبير عن جابر أن النبي ÷ قال: «ليس على الخائن ولا على المختلس ولا على المنتهب قطع»⁣(⁣٤).

  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه قال: (لا قطع على خائن ولا مختلس)⁣(⁣٥) فقوله: لا قطع على الخائن يدل على نفي القطع على كل ما


(١) أخرجه البخاري (٨/ ١٥٩) ومسلم (٣/ ١٣١٤).

(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٢٦٥).

(٣) روى محمد بن منصور في الأمالي (٤/ ٢٠٢) بإسناده عن الباقر أن علياً # أتي بغلام قد سرق فحك إبهامه والمسبِّحة حتى أدماهما.

(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٢٥٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٤٨٥).

(٥) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٠).