كتاب الحدود
  «اقتلوه» قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه(١)، وروي: فخرجنا به إلى مربد النعم، فحملنا عليه النعم، فأشار بيديه(٢) ورجليه فتنافرت الإبل عنا، قال: فلقيناه(٣) بالحجارة حتى قتلناه(٤). فدل ذلك على أن النبي ÷ عرف منه حالاً استحق بها ذلك، وأنه لم يكن للسرقة، وأنه كان في حال لم يكن ورد النهي عن المثلة، فقصد به النبي ÷ تغليظ العقوبة؛ لأن حمل النعم ليس في شيء من الحدود، وهذا كما روي عن النبي ÷ في قصة العرنيين أنه قطع أيديهم وأرجلهم وسملهم وألقاهم في الشمس، وذلك ليس في شيء من الحدود، فلما نهى عن المثلة صار مثل ذلك أجمع منسوخاً. وأيضاً لا خلاف بين المسلمين أنه لا يقطع في الثانية يده اليسرى، بل يعدل عنها إلى الرجل اليسرى، فلو كانت اليد اليسرى تقطع بعد قطع اليمنى لكانت تقطع في الثانية، ومجرد(٥) العلة في ذلك بأن يقال: لا خلاف أن اليد اليسرى لا تقطع في الثانية، فكذلك في الثالثة، والعلة أنه يؤدي إلى إبطال منافع اليدين لحد السرقة. وأيضاً لا خلاف أن الرجل اليمنى لا تقطع في الثالثة، فكذلك في الرابعة، والعلة أنه يبطل منافع الرجلين بحد السرقة، وكذلك(٦) أن الله تعالى لما غلظ حكم المحاربين لم يأمر إلا بقطع يد ورجل من خلاف، فلم يفوته منافع يديه ولا منافع رجليه. ولأن ما ذهبنا إليه أدفع لمعرته عن المسلمين؛ لأنا إذا احتبسناه(٧) الثالثة فقد كففناه عن المسلمين في الثالثة
(١) أخرجه أبو داود (٣/ ١٤٦).
(٢) في (أ، ج، هـ): بيده.
(٣) في (ب، د): فقتلناه. وفي (هـ): فتنافرت الإبل عنا فقتلناه، وروي: فرجمناه بالحجارة.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٤٧٢، ٤٧٣).
(٥) كذا في المخطوطات. ولعلها: وتحرر.
(٦) في (هـ): ولذلك.
(٧) في (أ، ج): حبسناه.