باب القول في حد السارق
  قطعنا يمناه كنا فوتنا منافع يديه؛ لهذا قلنا: إنه لا تقطع رجله اليسرى؛ لأنه يؤدي إلى تفويته منافع رجليه لحد السرقة، وذلك مما لا يجوز على ما مضى. وليس على السارق بعد ذلك شيء، وهذا معنى قوله في الأحكام(١): «ولا يلحق في ذلك شيء». ومعنى قوله فيه: «مضى الحد بما فيه» أنه في حكم الممضي، وإلا فليس ذلك حداً؛ لأن الحد لا يتعلق بقطع اليسار من اليدين(٢). ومعنى قوله في الأحكام: «إن الله لم يذكر يميناً ولا يساراً» هو لتجويز صحة ما يدعيه القاطع من الغلط ليسقط عنه القصاص. وقوله في المنتخب: «فمن قطع سارقاً أدخل عليه ظناً منه أنه يجوز له ذلك إن عليه الدية» يقتضي قياسه أن على(٣) من قطع يساره غلطاً الدية، تحملها(٤) عنه عاقلته.
  فإن قيل: فهلا قطعتم رجله اليسرى.
  قيل له: لأنه لم تستحق السرقة إلا قطع يده اليمنى، فلما عرض ما يمنع من قطعها لم يجز أن يقطع ما لا يستحق قطعه.
مسألة: [في الجماعة يجتمعون على سرق ما قيمته عشرة دراهم]
  قال: ولو أن جماعة اجتمعوا على سرق ما قيمته عشرة دراهم وإخراجه من الحرز قطعوا كلهم(٥).
  قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يقطعون حتى يخص كل واحد منهم المقدار الذي يجب فيه القطع. وبه قال الشافعي. وحكي عن مالك مثل قولنا.
  والدليل على ما ذهبنا إليه: أنه قد حصل السرق لمقدار يجب فيه القطع(٦)،
(١) الأحكام (٢/ ١٩٣).
(٢) في (أ، ب، ج، د): اليد.
(٣) في (أ، ج): قياسه على أن من ... إلخ.
(٤) في (أ، ب، ج، د): تتحمل.
(٥) المنتخب (٦٢١).
(٦) في (هـ): لمقدار ما يجب به القطع.