باب القول في حد السارق
  فإن قيل: روي أن رسول الله ÷ قطع سارق رداء صفوان بن أمية، وكان صفوان في المسجد، فجاء السارق فسرق رداءه من تحت رأسه، فثبت بذلك أن الطرار يلزمه القطع.
  قيل له: يجب(١) أن يكون ذلك كان(٢) قبل وجوب اعتبار الحرز، وأن يكون ذلك منسوخاً بقوله ÷: «ليس على الخائن والمختلس قطع» لأن من يأخذ رداء الإنسان من تحت رأسه يسمى مختلساً، فلما سقط القطع عن المختلس سقط عما اختلفنا فيه، وهذا أحد الوجوه التي نذكرها في قطع النبي ÷ من كانت تستعير الحلي ثم لا ترده؛ لأنه يجوز أن يكون منسوخاً بقوله: «لا قطع على الخائن» وكذلك الطرار. ونقيس داخل الكم على خارجه لإسقاط القطع فنقول: إنه سارق من الكم فوجب أن لا قطع عليه.
  على أن الطرار إذا كان له شبه بالسارق وشبه بالمختلس فالأولى إسقاط القطع عنه؛ للشبهة الواقعة، ولأن الحظر أولى من الإباحة في سائر الأشياء، فكيف في الحدود؟ على أن أصحاب أبي حنيفة لا يوجبون القطع على من أدخل يده في الدار فأخرج منها(٣) المتاع حتى يدخلها بنفسه، فكيف يوجبون على من أخذ الشيء من الكم؟
  وقال أبو يوسف: يقطع في الوجهين(٤). ويحجه سائر ما قدمناه.
(١) في (هـ): يحتمل.
(٢) «كان» ساقط من (أ، ج، د). وفي (هـ): أن يكون كان ذلك.
(٣) في (أ، ج): فيها.
(٤) يعني حيث طر من داخل الكم، وحيث طر من خارجه.