شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد السارق

صفحة 276 - الجزء 5

  وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله ÷ لما سئل عن الثمر المعلق قال: «لا قطع فيه، إلا ما آواه الجرين وبلغ ثمن المجن ففيه القطع»⁣(⁣١) فصار ذلك أصلاً في كل ما كان من الثمر معلقاً على شجره، أو قائماً في⁣(⁣٢) منبته ومزرعته أنه لا قطع فيه، سواء كان في حرز أو في غير حرز؛ لأن النبي ÷ نفى القطع عنه.

  قال: فإن سرق من فواكه قد قطعت ووضعت في الحرز ففيها القطع، ولا فصل بين أن تكون الفواكه رطبة أو يابسة، وكذلك إذا كان زرعاً سرق منه بعد ما حصد أو جذ، أو حطباً بعدما قطع ووضع في الحرز لزم فيه القطع. ويجب القطع في اللحم إذا سرق، وفي كل ما يجوز للمسلمين تملكه إذا سرق القطع إلا ما بيناه من الثمار وما كان في حكمها من الجمار وغيره من البصل والجزر والقثاء والبطيخ وما أشبه ذلك ما دام في مزرعته⁣(⁣٣).

  ذهب الشافعي إلى إيجاب القطع في كل ما قلنا: إنه يقطع فيه، فأما أبو حنيفة فإنه منع القطع في الفواكه الرطبة واللحم وكل ما يسرع إليه الفساد ولم يكن معداً للتبقية، وفي الخشب إلا الساج. وروي عنه أيضاً أنه قال: لا قطع في النورة والزرنيخ وما أشبههما⁣(⁣٤).

  والدليل على وجوب القطع في كل ما ذكرناه قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨] فلم يخص جنساً من جنس، فاقتضى عموم الآية قطع⁣(⁣٥) جميع ما قلنا: إن فيه القطع. ويدل عليه قوله ÷: «لا تقطع يد إلا فيما بلغ


(١) أخرجه النسائي (٨/ ٨٦).

(٢) في (أ، ج): على.

(٣) الأحكام (٢/ ١٩١) والمنتخب (٦١٤).

(٤) في (أ، ب، ج، هـ): أشبهها.

(٥) كذا في المخطوطات.