باب القول فيمن يقتل حدا
  يلزم المحارب إذا تاب من قبل أن يقدر عليه وإن كان قد استحقه بالمحاربة المخصوصة، ألا ترى أنه لو ارتد عن الإسلام ثم أقام على الردة وأصر عليها، وانفلت من يد الإمام ثم جاء مسلماً تائباً لم يجب قتله؟ فلو دل ما قلت على أنه لم يستحق القتل بنفس الردة لوجب أن يدل على أنه لم يستحقه بالمقام على الكفر أيضاً، فبان أن الصحيح ما قلناه من أنه يستحق القتل على نفس الردة التي هي التبديل وإن كانت التوبة تسقطه، كما أن توبة المحارب تسقط ما استحقه من القتل والصلب وقطع اليد والرجل من خلاف، فإذا ثبت ذلك صح التعلق بعموم الخبر، وثبت ما ذهبنا إليه.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه نهى عن قتل النساء والولدان، وذلك عام في جميعهن.
  قيل له: ذلك وارد في نساء أهل الحرب، لم تختلف الرواة، فروى ابن عمر أن النبي ÷ كان في بعض المغازي فوجدت امرأة مقتولة، فنهاهم عن قتل النساء والصبيان(١).
  وعن كعب بن مالك أن رسول الله ÷ نهى الذين قتلوا ابن أبي الحقيق حين خرجوا إليه عن قتل النساء والولدان(٢).
  وعن ابن بريدة عن أبيه قال(٣): كان إذا بعث رسول الله ÷ سرية قال لهم: «لا تقتلوا وليداً ولا امرأة»(٤).
  وعن أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله ÷ عن قتل النساء
(١) أخرجه البخاري (٤/ ٦١) ومسلم (٣/ ١٣٦٤).
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٢١).
(٣) في (ب، د): وعن ابن أبي بريدة قال. وفي (هـ): وعن أبي بريدة قال.
(٤) أخرجه الطبراني في الصغير (١/ ٢١٢). والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٢١).